الأنفاس. وقيل الخوف: اضطراب القلب وحركته من تذكر المخوف. وقيل الخوف: قوة العلم بمجارى الأحكام، وهذا سبب الخوف، لا أنه نفسه.
وقيل: الخوف هرب القلب من حلول المكروه عند استشعاره. والخشية أخص من الخوف، فإن الخشية للعلماء بالله تعالى: قال الله تعالى: إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ «١» ، فهو خوف مقرون بمعرفة. وقال- صلى الله عليه وسلم-: «أنا أتقاكم لله وأشدكم له خشية»«٢» فالخوف حركة والخشية انجماع وانقباض وسكون، فإن الذى يرى العدو والسيل ونحوهما له حالتان: إحداهما حركة للهرب منه وهى حالة الخوف، والثانية سكونه وقراره فى مكان لا يصل إليه وهى الخشية.
وأما الرهبة: فهى الإمعان فى الهرب من المكروه، وهى ضد الرغبة التى هى سفر القلب فى طلب المرغوب فيه. وأما الوجل: فرجفان القلب وانصداعه لذكر من يخاف سلطانه وعقوبته. وأما الهيبة: فخوف مقارن للتعظيم والإجلال، وأكثر ما تكون مع المعرفة والمحبة. والإجلال: تعظيم مقرون بالحب.
فالخوف لعامة المؤمنين، والخشية للعلماء العارفين، والهيبة للمحبين، والإجلال للمقربين. وعلى قدر العلم والمعرفة يكون الخوف والخشية، كما قال- صلى الله عليه وسلم-: «إنى لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية»«٣» رواه البخارى، وقال- صلى الله عليه وسلم-: «لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا»«٤» رواه البخارى
(١) سورة فاطر: ٢٨. (٢) صحيح: أخرجه البخارى (٢٠) فى الإيمان، باب: قول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «أنا أعلمكم بالله» ، من حديث عائشة- رضى الله عنها-، وأخرجه مسلم (١١٠٨) فى الصيام، باب: بيان أن القبلة فى الصوم ليست محرمة على من لم تحرك شهوته، من حديث أم سلمة- رضى الله عنها-. (٣) صحيح: وقد تقدم تخريجه فى الحديث السابق. (٤) صحيح: أخرجه البخارى (١٠٤٤) فى الكسوف، باب: الصدقة فى الكسوف، ومسلم (٩٠١) فى الكسوف، باب: صلاة الكسوف، من حديث عائشة- رضى الله عنها- وأخرجه البخارى (٦٤٨٥) فى الرقاق، باب: قول النبى- صلى الله عليه وسلم-: «لو تعلمون ما أعلم» من حديث أبى هريرة- رضى الله عنه-.