ومثل من كان قبلكم مثل رجل استأجر أجراء، فقال: من يعمل لى من الفجر إلى الظهر بقيراط، فعملت اليهود، ثم قال من يعمل لى من الظهر إلى العصر بقيراط، فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لى من العصر إلى المغرب بقيراطين فعملتم، فغضبت اليهود والنصارى وقالوا: نحن أكثر عملا وأقل أجرا، فقال الله تعالى: وهل نقصت من أجركم شيئا؟ قالوا: لا، قال: فذلك فضلى أوتيه من أشاء، فكنتم أقل عملا وأكثر أجرا» «١» رواه البخارى.
قالوا: فهذا الحديث دل على أن العصر هو عصره- صلى الله عليه وسلم- الذى هو فيه، فيكون على هذا أقسم تعالى بزمانه فى هذه الآية، وبمكانه فى قوله:
وَأَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ «٢» ، وبعمره فى قوله لَعَمْرُكَ «٣» ، فكأنه قال:
وعصرك وبلدك وعمرك، وذلك كله كالظرف له، فإذا وجب تعظيم الظرف فكيف حال المظروف، قال: ووجه القسم كأنه تعالى قال: ما أعظم خسرانهم إذا أعرضوا عنك. انتهى.
[النوع السادس فى وصفه تعالى له ص بالنور والسراج المنير]
اعلم أن الله تعالى قد وصف رسوله- صلى الله عليه وسلم- ب «النور» فى قوله تعالى:
قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ «٤» ، وقيل المراد: القرآن. ووصفه- صلى الله عليه وسلم- أيضا ب «السراج المنير» فى قوله تعالى: إِنَّا أَرْسَلْناكَ شاهِداً وَمُبَشِّراً وَنَذِيراً (٤٥) وَداعِياً إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِراجاً مُنِيراً «٥» .
(١) صحيح: أخرجه البخارى (٢٢٦٨) فى الإجارة، باب: الإجارة إلى نصف النهار، وأطرافه (٢٢٦٩ و ٣٤٥٩ و ٥٠٢١ و ٧٤٦٧ و ٧٥٣٣) ، من حديث ابن عمر- رضى الله عنهما-. (٢) سورة البلد: ٢. (٣) سورة الحجر: ٧٢. (٤) سورة المائدة: ١٥. (٥) سورة الأحزاب: ٤٥، ٤٦.