أن الخليل يصل بالواسطة، من قوله تعالى: وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ «١» ، والحبيب يصل إليه به، من قوله تعالى: فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى «٢» .
[ومنها:]
أن الخليل قال: وَلا تُخْزِنِي «٣» ، والحبيب قيل له: يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ «٤» .
[ومنها:]
أن الخليل قال فى المحنة: حَسْبِيَ اللَّهُ «٥» والحبيب قيل له:
يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ «٦» .
[ومنها:]
أن الخليل هو الذى تكون مغفرته فى حد الطمع، من قوله:
وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ «٧» ، والحبيب الذى مغفرته فى حد اليقين، من قوله: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ «٨» .
وفى كتابى:«تحفة السامع والقارى بختم حجج البخارى» وجوه أخر غير ما حكاه القاضى عياض.
[مناقشة المؤلف للفروق بين المحبة والخلة]
وفى كلها نظر واضح كما بينته فى حاشية الشفاء، وذلك أن مقتضى الفرق بين الشيئين أن يكون فى حد ذاتيهما، يعنى باعتبار مدلولى «خليل» و «حبيب» وما حكاه القاضى عياض، وذكرته فى التحفة، يقتضى تفضيل ذات محمد- صلى الله عليه وسلم- ذات إبراهيم- عليه الصلاة والسلام-. لا يقال باعتبار ثبوت وصف الخلة له فيلزم ذلك. لأنا نقول: كل منهما ثابت له وصف الخلة والمحبة. إذ لا يسلب عن إبراهيم- عليه الصلاة والسلام- وصف المحبة
(١) سورة الأنعام: ٧٥. (٢) سورة النجم: ٩. (٣) سورة الشعراء: ٨٧. (٤) سورة التحريم: ٨. (٥) سورة الزمر: ٣٨، وسورة التوبة: ١٢٩. (٦) سورة الأنفال: ٦٤. (٧) سورة الشعراء: ٨٢. (٨) سورة الفتح: ٢.