والنصارى، وغير جائز لنا الانصراف عن الظاهر إلى غيره إلا بدلالة، وليس من دلالة توجب صرفه عن ظاهره (١).
٢ - لو كان المراد بالكتابية مَنْ أسلمت منهن لم يكن لتخصيصها بالذكر معنى؛ فإن غير الكتابية إذا أسلمت حل نكاحها (٢).
يوضح ذلك أنه قد ذكر المؤمنات في قوله:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ}[المائدة: ٥]، فانتظم ذلك سائرَ المؤمنات ممن كن مشركات، أو كتابيات فأسلمن، وممن نشأ منهن على الإسلام فغير جائز أن يعطف عليه مؤمنات كُنَّ كتابيات (٣).
٣ - معلوم أنه لم يُرِدْ بقوله تعالى:{وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ}[المائدة: ٥]، طعام المؤمنين الذين كانوا من أهل الكتاب، وأن المراد به اليهود والنصارى، كذلك:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}[المائدة: ٥] هو على الكتابيات دون المؤمنات (٤).
مناقشة أصحاب القول الثالث:
١ - إن لفظة المشركين أو المشركات عند إطلاقها إنما تتناول عبدة الأوثان والمجوس، ولا تتناول أهل الكتاب، بدليل قوله سبحانه:{لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ}[البينة: ١]، وقوله:{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ}[البينة: ٦]، وقوله:{مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ}[البقرة: ١٠٥]، وسائر آي القرآن يفصل بينهما، وظاهر العطف يقتضي المغايرة بين المعطوف والمعطوف
(١) أحكام القرآن، للجصاص، (٣/ ٣٢٥ - ٣٢٦). (٢) المبسوط، للسرخسي، (٤/ ٢١٠). (٣) أحكام القرآن، للجصاص، (٣/ ٣٢٥). (٤) الذخيرة، للقرافي، (٤/ ٣٢٣)، الحاوي، لأبي الحسن علي بن محمد الشهير بالماوردي، دار الكتب العلمية، بيروت، ط ١، ١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م، (٩/ ٢٢٢).