قال ابن تيمية في معنى الآية:"يقول الله -عز وجل-: وإن كان قتل النفوس فيه شرٌّ، فالفتنة الحاصلة بالكفر وظهور أهله أعظم من ذلك، فيندفع أعظم الفسادين بالتزام أدناهما". (١)
ثانيًا: السنة المطهرة:
١ - عن ابن مسعود -رضي الله عنه- عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ستكون أثرة وأمور تنكرونها" قالوا: يا رسول الله فما تأمرنا؟ قال:"تؤدُّون الحقَّ الذي عليكم، وتسألون الله الذي لكم"(٢).
٢ - وعن أسيد بن حضير -رضي الله عنه- أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:"ستلقون بعدي أثرة فاصبروا حتى تلقوني على الحوض"(٣).
وجه الدلالة:
الحديثان يوجهان إلى الصبر على مفسدة أمراء الجور، وتَرْكِ قتالهم لما يترتب عليه من الفتنة الكبيرة والشر المستطير، قال ابن تيمية:"فَأَمَرَ -مع ذكره لظلمهم- بالصبر وإعطاء حقوقهم وطلب المظلوم حقه من الله، ولم يأذن للمظلوم المبغي عليه بقتال الباغي في مثل هذه الصور؛ فإن فيه فتنةً وشرًّا أعظم من ظلمهم، فالمشروع فيه الصبر". (٤)
٣ - وعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- قال: قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسمًا، فقلت: والله يا رسول الله لَغيرُ هؤلاء كان أحقَّ به منهم، قال: "إنهم خيروني أن يسألوني بالفُحش، أو
(١) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (١٠/ ٥١٣). (٢) أخرجه: البخاري، كتاب المناقب، باب: علامات النبوة في الإسلام، (٣٦٠٣)، ومسلم، كتاب، باب: وجوب الوفاء بيعة الخلفاء الأول فالأول، (١٨٤٣) من حديث ابن مسعود -رضي الله عنه-. (٣) أخرجه: البخاري، كتاب مناقب الأنصار، باب: قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: "اصبروا حتى تلقوني على الحوض"، (٣٧٩٢)، ومسلم، كتاب الإمارة، باب: الأمر بالصبر عند ظلم الولاة واستئثارهم، (١٨٤٥)، من حديث أنس بن مالك عن أسيد بن حضير -رضي الله عنه- أنَّ رجلًا من الأنصار قال: يا رسول الله؛ ألا تستعملني كما استعملت فلانًا؟ فذكره. (٤) الاستقامة، لابن تيمية، (١/ ٣٥ - ٣٦).