وفي حاشية الخرشي:"ومؤلَّفٌ كافرٌ لِيُسْلِمَ وحكمُهُ باقٍ" الصنف الرابع من الأصناف الثمانية في المؤلفة قلوبهم وهم كفار، يُعْطَون لِيُتَأَلَّفُوا على الإسلام، والصحيح أن حكم ذلك باقٍ" (١).
[الأدلة والمناقشات]
[أدلة القول الأول: من الإجماع، والمعقول]
[١ - من الإجماع]
قالوا: أجمع الصحابة على سقوط سهم المؤلفة قلوبهم؛ فقد وَرَدَ في سنن البيهقي: جاء عيينة بن حصن، والأقرع بن حابس إلى أبي بكر -رضي الله عنه- فقالا: يا خليفة رسول الله، إن عندنا أرضًا سبخة ليس فيها كلأ ولا منفعة، فإن رأيتَ أن تُقْطِعَنَاهَا لعلَّنَا نزرعها ونحرثها. فذكر الحديث في الإقطاع وإشهاد عمر -رضي الله عنه- ومحوه إياه. قال: فقال عمر -رضي الله عنه-: "إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يتألَّفُكُمَا والإسلام يومئذٍ ذليل، وإن الله قد أعزَّ الإسلام، فاذهبا فاجهدا جهدَكما لا أرعى الله عليكما إن رعيتما" (٢).
وجه الدلالة:
قال الكاساني (٣): "لم ينكر أبو بكر قوله وفعله، وبلغ ذلك الصحابة فلم ينكروا فيكون إجماعًا منهم على ذلك" (٤).
[٢ - من المعقول]
ثبت باتفاق الأمة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كان يعطيهم ليتألَّفَهم على الإسلام؛ ولهذا سمَّاهم
(١) حاشية الخرشي على مختصر خليل، (٢/ ٥١٥). (٢) سبق تخريجه. (٣) علاء الدين أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني، الحنفي، ملك العلماء، من مصنفاته: بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، السلطان المبين في أصول الدين، تفقه على علاء الدين السمرقندي، وتوفي سنة ٥٨٧ هـ. الجواهر المضية، لمحيي الدين القرشي، (٤/ ٢٥)، والأعلام، للزركلي، (٢/ ٧٠). (٤) بدائع الصنائع، للكاساني، (٢/ ٤٥).