يحولها من حال إلى حال، ويبدلها خلقًا بعد خلق، ولا التفات إلى موادِّها وعناصرِها.
وأما ما استحال بسببِ كسبِ الإنسان: كإحراق الرَّوث حتى يصير رمادًا، ووضع الخنزير في الملاحة حتى يصير ملحًا، ففيه خلاف مشهور، وللقول بالتطهير اتجاه وظهور" (١).
[القول الثاني: نجس العين لا يطهر بالاستحالة]
وبه قال أبو يوسف من الحنفية (٢)، والشافعية (٣)، والحنابلة (٤) في ظاهر المذهب.
وهذه بعض النقول عنهم:
[الحنفية]
قال ابن الهمام -رحمه الله-: "السرجين والعذرة تحترق فتصير رمادًا تطهر عنده خلافًا لأبي يوسف" (٥).
[الشافعية]
قال الشيرازي -رحمه الله-: "ولا يطهر من النجاسات بالاستحالة إلا شيئان:
أحدهما: جلد الميتة إذا دُبغَ، والثاني: الخمر".
إلى أن قال -رحمه الله-: "وإن أُحْرِقَ السرجين أو العذرة فصار رمادًا لم يطهر؛ لأن نجاستها لعينها، ويخالف الخمر؛ لأن نجاستها لمعنًى معقولٍ، وقد زال" (٦).
وقال النووي -رحمه الله-: "مذهبنا أنه لا يطهر السرجين، والعذرة، وعظام الميتة، وسائر الأعيان النجسة بالإحراق بالنار، وكذا لو وقعت هذه الأشياء في مملحة، أو وقع
(١) مجموع الفتاوي، لابن تيمية، (٢١/ ٦٠١). (٢) شرح فتح القدير، لابن الهمام، (١/ ٢٠٠)، البحر الرائق، لابن نجيم، (١/ ٢٣٩). (٣) نهاية المحتاج، للرملي، (١/ ٢٤٧)، روضة الطالبين، للنووي، (١/ ٢٧). (٤) الإقناع لطالب الانتفاع، لأبي النجا شرف الدين موسى بن أحمد الحجاوي، تحقيق: عبد اللطيف محمد موسى السبكي، دار المعرفة، بيروت، (١/ ٦٠)، شرح منتهى الإرادات، للبهوتي، (١/ ٢٠٩). (٥) شرح فتح القدير، لابن الهمام، (١/ ٢٠٠). (٦) المجموع، للنووي، (٢/ ٥٧٤)، بتصرف يسير.