٢ - إباحة المحظور عند الاضطرار: يقول الله -عز وجل-: {فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[المائدة: ٣]، ويقول سبحانه:{فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ}[الأنعام: ١٤٥].
فقد دلت هاتان الآيتان على القاعدة التي قررها العلماء، وهي قاعدة:"الضرورات تبيح المحظورات"(١). وهي قاعدة مجالاتها ممتدة لتشمل التكاليف كافة، وكذلك قاعدة:"لا واجب مع العجز، ولا حرام مع الضرورة"(٢).
٣ - أن الله تعالى رفع عن المكلفين الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه: قال تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة: ٢٨٦]، وقال سبحانه:{مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ}[النحل: ١٠٦].
وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه"(٣).
٤ - العذر بالجهل في كل ما ليس معلومًا من الدين بالضرورة: فكل من جهل حكمًا ليس معلومًا من دين الله بالضرورة يعذر بجهله لهذا الحكم؛ وذلك لأنَّ الله تعالى لا يجازي أحدًا حتى يقيم عليه الحجة الرسالية، قال تعالى:{رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ}[النساء: ١٦٥]، وقال:{وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا}[الإسراء: ١٥].
(١) انظر: الأشباه والنظائر، للسيوطي، (ص ٨٤)، والمنثور في القواعد الفقهية، للزركشي، (٢/ ٣١٧). (٢) تلقيح الأفهام العلية، لوليد بن راشد السعيدان، (١/ ٤٩). (٣) أخرجه: ابن ماجه، كتاب الطلاق، باب: طلاق المكره والناسي، (٢٠٤٥)، والبيهقي في "السنن الكبرى"، كتاب الخلع والطلاق، باب: ما جاء في طلاق المكره، (٧/ ٣٥٦)، وغيرهما، من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-. وصححه ابن حبان (١٦/ ٢٠٢)، والحاكم (٢/ ١٩٨)، وغيرهما. وفي الباب: عن أبي ذر، وابن عمر، وثوبان، وعقبة بن عامر -رضي الله عنهم-.