وكان الاكتفاء بالعدالة الظاهرة في غير الحدود الشرعية، وكان سبب ذلك صلاح الناس في زمانه، لكن ضرورة تزكية الشهود جاءت بعد مدة بسبب فساد الأخلاق، ومن أجل ذلك كتب عمر -رضي الله عنه- إلى أبي موسي الأشعري -رضي الله عنه- بأن لا يُسمَع مُجَرَّبٌ عليه شهادة زور أو مجلود في حد أو ظنين في ولاء (٢) أو قرابة؛ لأن القرآن لم يمنع من شهادة الأقارب في الأصل (٣).
٣ - تدخل الإمام في التسعير للحاجة عند فساد الزمان، وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن التسعير، وقال:"إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق"(٤).
وحين جوَّز ذلك العلماءُ بينوا أن تحريم التسعير كان لعدم الحاجة إليه، أو وجود ما يقتضيه، فلما قامت الحاجة الداعية إليه جاز (٥).
٤ - جعل الوصية بقرار من الحاكم أو السلطان؛ ذلك أن سوء استعمال الحقوق قد كثر بكثرة الفساد (٦).
(١) إعلام الموقعين، لابن القيم، (٣/ ٨٥)، تغير الأحكام، د. سها سليم مكداش، دار البشائر الإسلامية، ط ١، ١٤٢٨ هـ، (ص ٤٠٧). (٢) أي متهم في نسبته لغير مواليه. (٣) إعلام الموقعين، لابن القيم، (١/ ٨٥ - ٨٦)، المدخل إلى فقه النوازل، أ. د. حسين مطاوع الترتوري، مؤسسة الاعتصام، (ص ٨١ - ٨٢). (٤) أخرجه: أبو داود، كتاب الإجارة، باب: في التسعير، (٣٤٥١)، والترمذي، كتاب البيوع عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، باب: ما جاء في التسعير، (١٣١٤)، وابن ماجه: كتاب التجارات، باب: من كره أن يسعر، (٢٢٠٠)، من حديث أنس -رضي الله عنه-، قال: قال الناس: يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ غلا السعر؛ فسعِّر لنا! فذكره، ثم قال - صلى الله عليه وسلم -: "وإني لأرجو أن ألقى الله وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة في دم ولا مال". قال الترمذي: "حسن صحيح". (٥) الطرق الحكمية في السياسة الشرعية، لابن القيم، تحقيق: نايف بن أحمد الحمد، دار عالم الفوائد، ط ١، ١٤٢٨ هـ، (٢/ ٦٣٨ - ٦٣٩). (٦) تعليل الأحكام، لمحمد مصطفى شلبي، دار النهضة العربية، بيروت، ط ٢، ١٤٠١ هـ - ١٩٨١ م (ص ٧٨، ٣٢٥)، ضوابط المصلحة، للبوطي، (ص ١٧٨، ٣٦٩ - ٣٧٠).