تصريحًا مستفيضًا لا يقبل التأويل، قال تعالى:{يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الأعراف: ١٥٨]، ففي هذه الآية الكريمة بيان "عموم رسالته - صلى الله عليه وسلم -، وهي عامة للثقلين كما نطقت به النصوص، حتى صرحوا بكفر منكره"(١)، وبرغم أن الآية الكريمة خاطبت الناس جميعًا برسالته - صلى الله عليه وسلم - إلا أنها أكدت ضمير المخاطبين بوصف:"جميعًا" الدال نصًّا على العموم؛ لرفع احتمال التخصيص (٢).
ويقول الله -عز وجل-: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا}[سبأ: ٢٨]، أي:"وما أرسلناك يا محمد إلى هؤلاء المشركين بالله من قومك خاصة، ولكنَّا أرسلناك كافة للناس أجمعين العرب منهم والعجم، والأحمر والأسود، بشيرًا من أطاعك ونذيرًا من كذبك"(٣).
وقال -عز وجل-: {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}[الأنعام: ١٩]، أي:"لأنذركم بالقرآن أيها المشركون، وأنذر من بلغه القرآن من الناس كلهم"(٤). وقال عن القرآن الكريم نفسه:{تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا}[الفرقان: ١]، وقال:{وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ}[القلم: ٥٢]، أي:"وما محمد إلا ذِكْر ذكَّر الله به العالمين؛ الثقلين الجن والإنس"(٥). أو: وما القرآن الكريم إلا ذكر للعالمين. ومعناه: شرف، كما قال تعالى:{وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ}[الزخرف: ٤٤](٦).
(١) روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، لمحمود شكري الألوسي، دار إحياء التراث العربي، بيروت، (٩/ ٨٢). (٢) تفسير التحرير والتنوير، لمحمد الطاهر ابن عاشور، الدار التونسية، تونس، ١٩٨٤ م، (٩/ ١٣٩). (٣) تفسير الطبري، (١٩/ ٢٨٨). (٤) السابق، (٩/ ١٨٤). (٥) السابق، (٢٣/ ٢٠٤). (٦) تفسير القرطبي، (١٨/ ٢٥٦).