ومِنه هذا (١) البابِ الاستعارةُ بالضِّدِّ، وهي استعارةُ اسمِ أحدِ الضِّدَّين أو النَّقيضين للآخر؛ بواسطةِ انتزاع شبه التَّضادِّ؛ أي: اتِّصافِ كُلٍّ بمُضادِّه الآخر، وإلحاقِه بشِبْه التَّناسُب تهكُّمًا، أي: استهزاءً، أو تَمليحًا -كما مرَّ، ثمّ (٢) ادِّعاء أحدهما من جنسِ الآخر، والإِفراد بالذِّكْر، نحو:{فَبَشرْهُم بَعَذَابٍ أَلِيمٍ}(٣) مكان أَنْذرهم؛ في الاستعارةِ التَّهكُّميَّة، ونحو:(رأيت حاتمًا) عِنْد رؤية بخيلٍ، في الاستعارةِ التَّمليحيّة.
وإذا كانَ وجهُ الشَّبه أمرًا منتزعًا من عدَّةِ أُمُور، نحو قَوْلك (٤): (تُقَدِّمُ رِجْلًا -أي: لإرادة الذّهاب- وتؤخِّر أُخرى لإرادةِ عدمه؛ للمُتردِّدِ في الأَمر (٥)؛ كالمفتي المتردِّد في جوابِ الاسْتِفتاء؛ وذلك بإدخالِ صورةِ المشبَّه -أي (٦) المفتى المتردِّد- في جنس صُورةِ المشبَّهِ به؛ أي: (الماشي
(١) قوله: "من هذا" ساقط من ب. (٢) في ب: "وهو" ولا يستقيم به السّياق. (٣) سورة آل عمران، من الآية: ٢١. والتوبة، من الآية: ٣٤. والانشقاق، من الآية: ٢٤. (٤) هكذا -أيضًا- وردت كلمة: "قولك" في ف. وفي أوردت ضمن كلام الشارح. (٥) قول المصنف: "تقدّم رجلًا وتؤخّر أخرى" مأخوذ عن قول يزيد بن الوليد لمروان بن محمد لَمّا تأخّر عن بيعته (البيان والتبيين: ١/ ٣٠١ - ٣٠٢): "أما بعد؛ فإني أراك تقدِّم رجلًا وتؤخّر أخرى، فإذا أتاك كتابي هذا فاعتمد على أيهما شئت". (٦) في الأَصل: "إلى" وهو تحريف بالزيادة والصواب من: أ، ب.