وهو للتّسويةِ للمخاطبِ بين أن يفعلَ الإِسَاءَة والإِحْسَان؛ لأَنَّ المرادَ بالأَمر الإيجابُ المانعُ عن التَّركِ، لكن مع مَيْلٍ [أيْ: مع ميلِ المتكلّم](٢) إلى كلِّ اختارَه؛ أي: لكن مع إِظْهار مزيدِ الرِّضا والْمَيلِ بأَي ما اختارَ المخاطبُ في حقِّه من الإساءةِ أو الإحسانِ، ولولا ذلك لكان مُقْتضى المقامِ أن يقول:(أنا راضٍ بما تفعلين ولا أَلُومك أحسنتِ إلينا أو أَسأتِ) على سَبيل الإخبار.
وكذا في الآية الكريمة؛ المرادُ: التَّساوي بين الأَمرين في عدمِ الإفادةِ لهم؛ وكانَ حَقُّه أَنْ يُقال:(لنْ يغفر الله لهم استغفرت لهم أو لم تستغفرْ).
أو ميلِ المخاطبِ إليه؛ عطفٌ على قوله:(للرِّضا بالواقع)؛ أي: قد يوضعُ الأمرُ موضعَ الخبرِ لميلِ المخاطبِ إلى الوقوع؛ نحو:(إِذَا لَمْ تَسْتَحِ فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ)(٣)؛ أي: صنعتَ ما
(١) سورة التّوبة؛ من الآية: ٨٠. (٢) ما بين المعقوفين غير موجود في الأصل. ومثبت من أ. لمزيد من الإيضاح. (٣) حديثٌ أخرجه البخاريّ في صحيحه: (٥/ ٩) وأبو داود في سننه: (٥/ ١٤٨ - ١٤٩) بلفظ: "فافعل" وهو إحدى الرِّوايتين عند البخاريّ، وابن ماجه في سننه: (٢/ ١٤٠٠)، والإمام أحمد في مسنده: (٥/ ٢٧٣). قال ابن حجر في فتح الباري: (٦/ ٦٠٥): "هو أمر بمعنى الخبر أو هو للتَّهديد ... ". ومثله قال ابن الأَثير في النِّهاية. ينظر: (٣/ ٥٥). =