فإمّا أن لا يستدعي الإمكان (١)؛ أي: لا يَسْتدعي في مطلُوبِه إمكانَ الحصولِ؛ لا أنه يستدعي أن لا يمكن. والأَوَّلُ أعمُّ؛ لأنّه كُلّما صدقَ:(يستدعي أنْ لا يُمكن) صدق: (لا يَسْتدعي أن يُمكن) وإلّا لصدقَ (٢): (يستدعي أن يُمكن)، فيجتمعُ النَّقيضان. وليسَ كلّما صدق (٣): (لا يستدعي أن يُمكن) صدق: (يستدعي (٤) أن لا يُمكن)؛ لأن الأَوَّلَ يحتملُ أن يُجامع الإمكانَ وعدمه؛ لاحتمالِه منهما، بخلافِ الثاني فإِنَّه لا يُجامعُ الإمكانَ لاستلزامه عَدَمه (٥). وهو التَّمنِّي يقولُ:(ليتَ الشّبابَ يعُود) فيما لا يُمكن؛ لامتناع عودِ الشّبابِ. و (ليت لي مالًا أنفقه) فيما يمكن.
أو يَسْتدعيه؛ أي: إِمكان حُصولِ المطلوب.
(١) هذا شُروع في بيان أنواع الطلب. (٢) في أ: "صدق" والمعنى واحد. (٣) كلمة: "صدق" ساقطة من ب. (٤) في الأصل زيادة: "أي: تقضيه" وظاهرٌ أنها مقحمة داخل السّياق. (٥) يلحظ أن الشّارح -رحمه الله- استطرد في إيضاح عبارة المصنف المتقدّمة بما هو أقرب إلى الغموض والإلباس معتمدًا -في ذلك- على ما ذكره الشّيرازيّ في مفتاح المفتاح: (٧٣٠)؛ إذ بنى حديثَه على كلمتين؛ زاوج بينهما ثمّ أدارهما نفيًا وإثباتًا؛ ليصل إلى مراده على طريقة شيخه السَّكاكي؛ رائد المدرسة البلاغية المنطقيّة. ولم يكن المعنى المنشود بالإيضاح بعيدًا لو فسّر جملة: "لا يستدعي الإمكان" بأنها تتناول الممكن والممتنع، وجملة "تستدعي عدم الإمكان" بأنها لا تتناول الممتنع.