ﷺ: اذهب إلى صدر الغار فاشرب. قال أبو بكر: فانطلقت إلى صدر الغار فشربت منه ماء أحلى من العسل، وأبيض من اللبن، وأزكى رائحة من المسك، ثم عدت إلى النبى ﷺ فقال: شربت؟ قلت: نعم. قال: ألا أبشرك يا أبا بكر؟ قلت: بلى يا رسول الله.
قال: إن الله أمر [الملك](١) الموكل بأنهار الجنة: أن اخرق نهرا من جنة الفردوس إلى صدر الغار ليشرب أبو بكر. قال أبو بكر، فقلت: يا رسول الله، ولى عند الله هذه المنزلة؟ فقال النبى ﷺ:
نعم وأفضل، والذى بعثنى بالحق نبيّا لا يدخل الجنة مبغضك، ولو كان له عمل سبعين نبيا (٢).
ولما كان اليوم الثالث حانت من النبى ﷺ التفاتة إلى أعلى الغار، فنظر فيه كوة، ونظر فيها طيرا جاثما لا يأكل ولا يشرب، فعجب أبو بكر من ذلك وقال: وا عجبا لهذا الطير من أين مأكله ومشربه؟ اختلج هذا فى سرّ أبى بكر، فهبط جبريل على النبى ﷺ ونادى: يا محمد، العلىّ الأعلى يقرئك السلام، ويقول لك قد علمت ما اختلج فى سر أبى بكر، فقل له أن يكلم الطّير؛ فإنى قد أمرت الطير أن يتكلّم. فعندها قال النبى ﷺ: يا أبا بكر ما اختلج فى صدرك من أمر هذا الطير؟ فقال أبو بكر: يا رسول الله عجبت من هذا الطير؛ لنا ثلاثة أيام فى هذا الغار وهو لا يأكل ولا يشرب ولا
(١) الإضافة عن الرياض من النضرة ١٩٥:١. (٢) المرجع السابق، والخصائص الكبرى ٤٦٣:١، ٤٦٤، والسيرة الحلبية ٢١١:٢، وتاريخ الخميس ٣٢٩:١، ٣٣٠.