قالت عائشة: لما خرج رسول الله ﷺ، وخرج معه أبو بكر احتمل أبو بكر ماله كلّه - خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم - وانطلق بها معه، فدخل علينا جدّى أبو قحافة - وقد ذهب بصره - فقال: إنى والله لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه. قالت قلت: كلا يا أبتى؛ إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا. فأخذت أحجارا فوضعتها/فى كوّة من البيت كان أبى يضع فيها ماله، ثم وضعت عليها ثوبا، ثم أخذت بيده فقلت: ضع يدك على هذا المال. فوضع يده عليه فقال: لا بأس، إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن، فى هذا بلاغ لكم. قالت: ولا والله ما ترك لنا شيئا، ولكنى أردت أن أسكن الشيخ بذلك (١).
وقالت أسماء بنت أبى بكر: لما خرج رسول الله ﷺ وأبو بكر أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام؛ فوقفوا على باب أبى بكر، فخرجت إليهم فقالوا: أين أبوك يا ابنة أبى بكر؟ قلت: لا أدرى - والله - أين أبى. فرفع أبو جهل يده - وكان فاحشا خبيثا - فلطم خدّى لطمة طرح منها قرطى، ثم انصرف (٢).
ولما أن كان النبى ﷺ وصاحبه أبو بكر فى الغار عطش أبو بكر عطشا شديدا، فشكا ذلك إلى النبى ﷺ، فقال له النبى
(١) سيرة النبى لابن هشام ٣٣٨:٢، وسبل الهدى والرشاد ٣٣٨:٣، والسيرة الحلبية ٢١٣:٢، ٢١٤. والحديث فيها مروى عن أسماء بنت أبى بكر. (٢) سيرة النبى لابن هشام ٣٣٧:٢، والرياض النضرة ٨٧:١، ٨٨، وشرح المواهب ٣٤٢:١.