(٢ - ٢) الحديث الثّاني: حديث موسى مع الخضر عليهما السّلام، فمنه قوله:"أَنَّى بِأَرْضِكَ السَّلَامُ؟ ! "(١):
قال الشّيخ - رحمه اللَّه! -: "أَنَّى" ههنا فيها وجهان:
أحدهما: من أين؛ كقوله تعالى:{أَنَّى لَكِ هَذَا}[آل عمران: ٣٧]، فهي ظرف مكان، و"السّلام" مبتدأ، والظرف خبر عنه.
والثّاني: هي (٢) بمعنى "كيف"(٣)، أي: كيف بأرضك السّلام؟ !
ووجه هذا الاستفهام: أنّه لما رأى ذلك الرَّجل في قفر (٤) من الأرض، استبعد علمه بكيفية السّلام.
فأمّا قوله:"بِأرْضِكَ السَّلَامُ"، فموضعه نصب على الحال من "السّلام"، والتقدير: من أين استقر السّلام كائنًا بأرضك؟ !
وقوله:"موسى (٥) بَنِي إسْرَائِيلَ؟ "، أي (٦): أنت موسى بني إسرائيل؟ /
(١) صحيح: أخرجه البخاريّ (١٢٢)، ومسلم (٢٣٨٠)، والترمذي (٣١٤٩)، وأحمد (٢٠٦٠٦). (٢) في خ: في. (٣) ومنه قوله تعالى: {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ} [البقرة: ٢٤٧] قال السمين الحلبي: "أنى" فيه وجهان: أحدهما: أنّها بمعنى "كيف"، وهذا هو الصّحيح. والثّاني: أنّها بمعنى "من أين"، أجازه أبو البقاه وليس المعنى عليه. وفي قوله تعالى: {أَنَّى يُحْيِي هَذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ} [البقرة: ٢٥٩] يقول السمين: "والظاهر أنّها بمعنى كيف". ينظر: "الدر المصون"، لأحمد بن يوسف، المعروف بـ "السمين الحلبي"، (٢/ ٥٢٠)، (٢/ ٥٦٠)، تحقيق د. الخراط، دار القلم - بيروت، ط. أولى سنة (١٤٠٦ هـ - ١٩٨٦ م)، و"معترك الأقران في إعجاز القرآن"، السيوطيّ، تحقيق البجاوى، (ق ١/ ٦١١)، دار الفكر العربي، د. ت. (٤) القَفْر من الأرض: الّتي خلت من النَّاس. ينظر "لسان العرب" (٣٧٠٠) - دار المعارف. (٥) هنا عطب في خ محا كلمة "موسى". (٦) في خ: أين.