اختلف أهل العلم في القدر الذي يكون به المأموم مدركًا الركعة معتدًّا بها مع إمامه، على قولين مشهورين:
القول الأول: تدرك الركعة بإدراك الركوع مع الإمام: وهو مذهب الجماهير: الأئمة الأربعة وغيرهم (١)، وبه قال ابن عمر وابن مسعود وزيد بن ثابت وغيرهم من الصحابة، وحجة هذا القول:
١ - حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة»(٢) وحملوا لفظ «ركعة» على أن المراد الركوع.
٢ - وأيَّدوا هذا الحمل برواية ابن خزيمة لحديث أبي هريرة بلفظ «من أدرك ركعة من الصلاة [قبل أن يقيم الإمام صلبه] فقد أدرك»(٣) قالوا: فدلَّ على أن المراد بالركعة الركوع!!
٣ - ما رُوى عن أبي هريرة مرفوعًا:«إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدُّوها شيئًا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة»(٤).
٤ - حديث أبي بكرة أنه: انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو راكع، فركع قبل أن يصل إلى الصف، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال:«زادك الله حرصًا ولا تَعُدْ»(٥).
قالوا: هو ظاهر في أنه اعتدَّ بها، ولم يؤمر بإعادتها، ولا يمكن أنه قرأ الفاتحة فيها، وأما قوله «فلا تعد» فهو نهي عن الدخول في الصلاة قبل بلوغ الصف.
(١) «المبسوط» (٢/ ٩٥)، و «فتح القدير» (١/ ٤٨٣)، و «المدونة» و «الأم» (١/ ١٣٥)، و «المجموع» (٤/ ١١١)، و «المغنى» (١/ ٢٩٩)، و «الفروع» (١/ ٥٨٧)، و «طرح التثريب» (٢/ ٣٦٥)، و «حكم من أدرك الركوع» للصنعاني. (٢) صحيح: أخرجه البخاري (٥٨٠)، ومسلم (٦٠٧). (٣) منكر بهذا اللفظ: أخرجه ابن خزيمة (١٥٩٥)، والبيهقي (٢/ ٨٩)، والدارقطني (١/ ٣٤٦)، والعقيلي في «الضعفاء» (٤/ ٣٩٨)، وجعل الزيادة من كلام الزهري، وأخرجه البخاري في «جزء القراءة» (ص: ٤٧) من نفس الطريق بدونها. (٤) منكر: أخرجه أبو داود (٨٩٣)، والدارقطني (١/ ٣٤٧)، والحاكم (١/ ٢١٦)، والبيهقي (٢/ ٨٩) وفي سنده يحيى بن أبي سليمان، قال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم مضطرب الحديث ليس بالقوي، وقد قواه الألباني في «الإرواء» (٢/ ٢٦١)، و «الصحيحة» (١١٨٨) بما لا يسلَّم له فليراجع. (٥) صحيح: أخرجه البخاري (٧٨٣) وغيره.