أبعدهم فأبعدهم ممشى، والذي ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الإمام أعظم أجرًا من الذي يصلي ثم ينام» (١) وفي لفظ لمسلم: «حتى يصليها مع الإمام في جماعة ..». وهو صريح في اشتراك المنفرد والمصلي في جماعة في أصل الأجر، قلت: وهذا أقوى أدلتهم في نظري.
٤ - حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في غزوة خيبر:«من أكل من هذه الشجرة -يعني الثوم- فلا يقربن مسجدنا»(٢) وما في معناه، قالوا (٣): يلزمه أحد أمرين: إما أن يكون أكل هذه الأمور مباحًا، وصلاة الجماعة غير واجبة على الأعيان، أو تكون الجماعة واجبة على الأعيان ويمتنع أكل هذه الأشياء، والجمهور على إباحتها (يعني: البصل والثوم ونحوهما) فتكون الجماعة غير واجبة على الأعيان لجواز تركها لأكل هذه الأشياء، وأجيب بأن الجماعة واجبة ولا تتم إلا بترك أكل الثوم فيجب ترك أكله عند الصلاة.
٥ - ويمكن الاستدلال بحديث الرجل الذي صلى خلف معاذ فأطال القراءة، فتنحى وصلى منفردًا ثم شكا إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكر عليه (٤) وقد يجاب عنه: بأن تطويل الإمام عذر في ترك الجماعة.
الراجح في المسألة:
لا شك أن الجمع بين الأحاديث المتقدمة ما أمكن هو المتعيِّن، والذي تجتمع عليه النصوص السابقة -في نظري- ولا يهدر شيئًا منها أن يقال: إن صلاة الجماعة فرض كفاية، كقول الشافعي -رحمه
الله- وهذا أعدل الأقوال وأصوبها، على أنه ينبغي أن يُعلم أنه لا يفرِّط فيها ويخلُّ بملازمتها -لغير عذر- إلا محروم مشئوم، والله تعالى أعلم.
حكم صلاة الجماعة للنساء (٥):
لا تجب صلاة الجماعة على النساء بإجماع العلماء، لكن يُشرع لهنَّ الجماعة -إجمالاً- عند الجمهور.
(١) صحيح: أخرجه البخاري (٦٥١)، ومسلم (٦٦٢). (٢) صحيح: أخرجه البخاري (٨٥٣)، ومسلم (٥٦١). (٣) «إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام» لابن دقيق العيد (١/ ١١٩). (٤) صحيح: تقدم «اختلاف نية الإمام والمأموم» من شروط صحة الصلاة. (٥) من كتابي «فقه السنة للنساء» (ص: ١٤٦ - ١٤٩) بتصرف، وانظر «البدائع» (١/ ١٥٥)، و «الشرح الصغير» (١/ ١٥٦)، و «مغنى المحتاج» (١/ ٢٢٩)، و «المغنى» (٢/ ٢٠٢).