• قال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود -وهو أحد السابقين الأولين، ومن كبار علماء الصحابة والمفتين فسر هذه الآية بالغناء، كما روى ذلك عنه أبو الصهباء البكرى أنه سمع عبد الله بن مسعودِ وهو يُسأل عن هذه الآية {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ} فقال عبد الله: "الغناء، والذي لا إله إلا هو" يرددها ثلاث مرات (٢).
• عن أبي مالك أو أبي عامر الأشعرى أنه سمع النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول:"ليكونن من أمتي أقوام يستحلون الحِرَ والحرير والخَمر والمعازف، ولينزلن أقوام إلى جنب علم -جبل- يروح عليهم بسَارحة لهم -أي ماشية- يأتيهم -يعني الفقير- لحاجة فيقولوا: ارجع إلينا غدًا، فيبيتهم الله ويضع العلم، ويمسخ آخرين قردة وخنازير إلى يوم القيامة"(٣).
• في هذا الحديث يخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه سيكون أقوام من أمته "يستحلون الحِرَ" وهو الفرج، وهو كناية عن الزنا، والحرير والخمر والمعازف، وقوله "يستحلون" صريحة في أن المذكورات ومنها "المعازف" هى في الشرع محرمة، فيستحلها أولئك القوم.
ثم إن النبي - صلى الله عليه وسلم - قرن المعازف مع المقطوع بحرمته وهو "الزنا والخمر" ولو لم تكن محرمة ما قرنها معها، ثم أخبر عن أقوام من هؤلاء المستحلين لهذه المحرمات أنهم ينزلون إلى "جنب علم" وهو: الجبل العالي، وعندهم الراعي يسرح
(١) سورة لقمان: ٦، ٧. (٢) حسن: أخرجه ابن جرير الطبرى في تفسيره، وابن أبي شيبة في المصنف (٤/ ٣٧٣)، والحاكم (٢/ ٤١١)، والبيهقي في السنن (١٠/ ٢٢٣). (٣) أخرجه البخاري (٥٥٩٠).