٢ - غير الجائفة: وهذه اختلف أهل العلم في القصاص فيها على ثلاثة أقوال:
الأول: فيها القصاص، وهو مذهب المالكية.
الثاني: ليس فيها قصاص، بل حكومة عدل إذا أوضحت العظم وكسرته، وإذا بقي أثر، وإلا فلا شيء فيها، وهو مذهب أبي حنيفة وأبي يوسف.
الثالث: أن ما لا قصاص فيه إذا كان على الرأس والوجه، فلا قصاص فيه إذا كان على غيرهما، وهو مذهب الشافعية والحنابلة.
حكم القصاص قبل اندمال الجروح (١):
اختلف أهل العلم في جواز القصاص في الجرح أو الطرف قبل برئه واندماله على قولين:
الأول: لا يقتص حتى يبرأ المجني عليه: وهو قول أكثر أهل العلم، منهم: أبو حنيفة ومالك وأحمد في مشهور مذهبه، والنخعي والثوري وإسحاق، وأبو ثور وعطاء والحسن وابن المنذر، واحتجوا بما يلي:
١ - حديث جابر «أن رجلًا جُرح فأراد أن يستقيد، فنهى النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يستقاد من الجارح حتى يبرأ المجروح»(٢).
٢ - حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن رجلًا طعن رجلًا بقرن في ركبته، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: أقدني، فقال:«حتى تبرأ»
ثم جاء إليه فقال: أقدني، فأقاده، ثم جاء إليه فقال: أفدني، فأقاده، ثم جاء إليه فقال: يا رسول الله، عرجت، قال:«قد نهيتك فعصيتني، فأبعدك الله، وبطل عَرَجُك» ثم نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يقتص من جُرح حتى يبرأ صاحبه (٣).
قالوا: فقوله: «ثم نهى أن يقتص ...» يدل على تحريم الاقتصاص قبل الاندمال، لأن لفظ «ثم» يقتضي الترتيب، فيكون النهي الواقع بعدها ناسخًا للإذن الواقع عليها.
(١) «الهداية» (٤/ ١٨٨)، و «جواهر الإكليل» (٢/ ٢٦٣)، و «الأم» (٩/ ٤٧)، و «كشاف القناع» (٥/ ٥٦١)، و «المغني» (٨/ ٣٤٠ - القاهرة)، و «نيل الأوطار» (٧/ ٣٦). (٢) حسن ما بعده: أخرجه ابن أبي عاصم في «الديات» (٣١)، والدارقطني (٣٢٦)، والبيهقي (٨/ ٦٦)، وانظر «الإرواء» (٧/ ٢٩٨). (٣) حسن لطرقه: أخرجه أحمد (٢/ ٢١٧)، والدارقطني (٣٢٥)، وعنه البيهقي (٨/ ٦٧)، وأُعلَّ بالإرسال، وهو حسن بما قبله، وانظر «الإرواء» (٢٢٣٧).