٤ - ولأن القصاص لو سقط بالاشتراك، لأدَّى إلى التسارع إلى القتل به، فيؤدي إلى إسقاط حكمة الردع والزجر.
ومنع بعض أهل العلم من قتل الجماعة بالواحد، فقال بعضهم: تجب عليهم الدية فقط وهو رواية ثانية في مذهب أحمد، وبه قال ربيعة وأبو داود وابن المنذر، وحُكي عن ابن عباس (!).
وقال بعضهم: يقتل واحد منهم ويؤخذ من الباقين حصصهم من الدية، وهذا مروي عن معاذ بن جبل وابن الزبير، وبه قال ابن سيرين والزهري.
واحتجوا جميعًا:
١ - بقوله تعالى:{الحر بالحر} وبقوله: {وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس}(١) قالوا: ومقتضاهما أن لا يزاد على النفس الواحدة بنفس.
٢ - ولأن كل واحد منهم مكافئ له، فلا تستوفى أبدال بمبدل واحد، كما لا تجب ديات لمقتول واحد.
والراجح: القول الأول القائل بقتل الجماعة بالواحد لأن الآيتين إنما بيَّنتا القتل العمد في أقل صوره، ولم تتعرض لحكم اشتراك الجماعة فبيَّنه فعل الصحابة - رضي الله عنهم -، ولعله يتأيد هذا المذهب بما ثبت في قصة العرنيين إذ قتلهم النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اجتمعوا على قتل الرعاة (٢).
وإذا شارك في القتل من لا قصاص عليه:
كأن يشترك والد المقتول مع أخيه في قتل ابنه، فللعلماء في هذه المسألة قولان (٣):
الأول: تجب الدية على عاقلة من لا قصاص عليه وفي ماله عتق رقبة، ويقتص من الآخرين: وهذا مذهب مالك، وقول للشافعي، ورواية في مذهب أحمد، وهو مروي عن قتادة والزهري وحماد، وحجتهم:
أن القصاص عقوبة تجب عليهم جزاءً لفعلهم، فمتى كان فعلهم عمدًا عدوانًا
(١) سورة المائدة: ٤٥. (٢) أفاده في «اختيارات ابن قدامة» (٤/ ٢٧)، والقصة عند البخاري، ومسلم. (٣) «البدائع» (٧/ ٢٣٥)، و «ابن عابدين» (٦/ ٥٣٥)، و «الكافي» (٢/ ١٠٩٨)، و «الشرح الصغير» (٤/ ٣٤٦)، و «الأم» (٦/ ٢٠)، و «نهاية المحتاج» (٧/ ٢٧٥)، و «المغني» (٨/ ٢٩٥)، و «الإنصاف» (٩/ ٤٥٨).