العلماء في إيجاب الحد عليه تبعًا لاختلافهم في إيجابهم الحد على اللوطي أصلًا، فقال الحسن والنخعي والزهري ومالك والشافعي وأحمد - وهو الخارج على قول أبي يوسف ومحمد بن الحسن -: يجب عليه حدُّ القذف.
وقال عطاء وقتادة وأبو حنيفة وابن حزم: لا حدَّ عليه!!
وقد تقدم أن اللوطي يجب عليه الحدُّ كما قال الجمهور، فنقول: وكذلك يجب الحدُّ بقذفه باللواط.
وكذلك الشأن فيمن قذف إنسانًا بإتيان بهيمة، فمن رأي الحدَّ في إتيان البهيمة، قال: يحدُّ بقذفه، ومن قال: لا حد عليه - وهم الجمهور -، قالوا: كذلك لا حدَّ على قاذفه، وإنما يعزَّر لقوله بما يراه الإمام صالحًا له، لما في قوله من أذى
ومعرَّة تلحق بالمقذوف.
إذا قذف جماعة بكلمة واحدة أو بكلمات:
من رمى جماعة بالزنا، فللعلماء فيه ثلاثة مذاهب (١):
الأول: يحدُّ حدًّا واحدًا: وبه قال طاوس والشعبي والزهري والنخعي وقتادة والثوري، وهو مذهب أبى حنيفة وصاحبيه ومالك والشافعي - في أحد قوليه - وإسحاق، واستدلوا بما يلي:
١ - أن هلال بن أمية قذف امرأته بشريك بن سحماء، فرفع ذلك للنبي - صلى الله عليه وسلم - فلاعن بينهما ولم يحدَّ شريكًا (٢).
٢ - أن الذين شهدوا على المغيرة قذفوا امرأة، فلم يحدهم عمر إلا حدًّا واحدًّا.
٣ - أنه قذف الجماعة قذف واحد، فلم يجب إلا حدٌّ واحد، كما لو قذف واحدًا.
٤ - أن الحدَّ وجب بإدخال المعرة على المقذوف بقذفه، ويحد واحد يظهر كذب القاذف وتزول المعرة عن المقذوف، فوجب أن يكتفى به.
٥ - أن قوله تعالى: {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم} (٣) لم يفرق بين قذف واحد أو جماعة.
الثاني: يحدُّ لكل واحد حدًّا: وهو قول الحسن وأبي ثور وابن المنذر وأحمد
(١) «المغني» (٩/ ٨٨).
(٢) تقدم حديثه في «اللعان».
(٣) سورة النور: ٤.