٢ - أن الخطأ في ترك عقوبة لازمة، أهون من الخطأ في إيقاع عقوبة غير لازمة، وقد تقدم نحو هذا عن عمر وعائشة - رضي الله عنها - عند الكلام على إسقاط الحد بالشبهة، والله تعالى أعلم.
فائدة: يقام حدُّ الزنى على الكافر كالمسلم سواء، لحديث ابن عمر المتقدم في رجم النبي - صلى الله عليه وسلم - لليهوديين، وهذا أصح قولي العلماء، وفي المسألة خلاف راجع إلى الخلاف في:«هل من شرط الإحصان الإسلام؟» وقد تقدم الإشارة إليه.
عقوبة من زنى بإحدى محارمه:
اتفق المسلمون على أن من زنى بذات محرمه فعليه الحد، وإنما اختلفوا صفة الحدِّ على قولين (١):
الأول: حدُّه حدُّ الزنى بغير محرمه ولا فرق: وهو مذهب أبي حنيفة ومالك
والشافعي وأحمد في إحدى الروايتين.
الثاني: حدُّه القتل بكل حال: وهو مذهب أحمد وإسحاق وجماعة من أهل الحديث، واستدلوا: بحديث ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:«من وقع على ذات محرمه فاقتلوه»(٢).
قالوا: وهو أخصُّ مما ورد في الزنى، وهو حكم عام من غير استفصال - والمقام يقتضي التفصيل - فدلَّ على عدم التفريق بين المحصن وغيره، وأنه يقتل على كل حال.
قلت: الحديث ضعيف، لكن ربما يتأيَّد القول الثاني، بحديث البراء - رضي الله عنه - قال «مرَّ بي عمي الحارث بن عمرو، ومعه لواء عقده له النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقلت له: أي عم، أين بعثك النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: بعثني إلى رجل تزوَّج امرأة أبيه، فأمرني أن أضرب عنقه»(٣). زاد في بعض الروايات:«... وآخذ ماله».
(١) «فتح القدير» (٥/ ٤٠)، و «الداء والدواء» (ص: ٢٠٦)، و «المغني» (١٠/ ١٥٤)، و «نيل الأوطار» (٧)، و «المحلي» (١١/ ٢٥٢). (٢) ضعيف: أخرجه الترمذي (١٤٦٢)، وابن ماجة (٢٥٦٤)، وانظر «الإرواء» (٢٣٥٢). (٣) صحيح لطرقه: أخرجه النسائي (٢/ ٨٥)، والترمذي (١٣٦٢)، وأبو داود (٤٤٥٦)، وابن ماجة (٢٦٠٧)، وأحمد (٤/ ٢٩٢) وغيرهم، وانظر «الإرواء» (٢٣٥١).