وأجيب: بأن قول القائل: (أنت طالق إن شاء الله) ليس يمينًا فلا يحمَّل النص ما لا يحتمله، وإنما يدخل في النص الحلف بالطلاق.
٢ - ما يُروى عن ابن عباس مرفوعًا:«من قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، أو غلامه حر إن شاء الله، أو عليه المشي إلى بيت الله إن شاء الله - فلا شيء عليه»(١).
وقد ورد نحوه عن معاذ مرفوعًا وفيه التفريق بين الطلاق - فلا يقع - والعتاق، وهو منكر كذلك.
٣ - قال الله تعالى:{وما تشاءون إلا أن يشاء الله}(٢). قال ابن حزم: ونحن نعلم أن الله تعالى لو أراد إمضاء هذا الطلاق ليسَّره لإخراجه بغير استثناء، فصحَّ أنه تعالى لم يُرد وقوعه إذا يسَّره لتعليقه بمشيئته عز وجل. اهـ.
٤ - عن الثوري - في رجل قال لامرأته: أنت طالق إن شاء الله تعالى - قال: قال طاووس وحماد: «لا يقع عليها الطلاق»(٣).
الثاني: يقع الطلاق (لا ينفعه الاستثناء): وهو مذهب مالك وأحمد والليث والأوزاعي وأبي عبيد واختيار شيخ الإسلام، ومستند هذا المذهب ما يلي:
١ - ما رُوي عن ابن عباس أنه قال:«إذا قال الرجل لامرأته: أنت طالق إن شاء الله، فهي طالق»(٤).
٢ - ما روي عن ابن عمر وأبي سعيد قالوا:«كنا معاشر أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نرى الاستثناء جائزًا في كل شيء إلا العتاق والطلاق»(٥).
قال ابن قدامة: وهذا نقل للإجماع، وإن قدر أنه قول بعضهم، ولم يُعلم لهم مخالف، فهو إجماع. اهـ.
قلت: يعني: الإجماع السكوتي، وليس هو بحجة، على أن هذه الآثار عن
(١) منكر: أخرجه ابن عدي في «الكامل» (١/ ٣٣٨ ط. الفكر)، وعنه البيهقي (٧/ ٣٦١)، وانظر «الإرواء» (٧/ ١٥٤). (٢) سورة التكوير: ٢٩. (٣) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق في «المصنف» (١١٣٢٦). (٤) قال الألباني في «الإرواء» (٢٠٧١): لم أره عن ابن عباس من قوله، وإنما أخرجه ابن أبي شيبة عن الحسن البصري ... وإسناده صحيح. (٥) لم أجده مسندًا. وقد ذكره ابن قدامة في «المغني».