(ب) حديث أم حبيبة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من مسَّ فرجه فليتوضأ»(١).
وقد ورد نحوهما من حديث أبي هريرة وأروى بنت أنيس وعائشة وجابر وزيد بن خالد وعبد الله بن عمرو.
قالوا: وحديث بسرة يرجَّح على حديث طلق، وذلك لأمور منها:
١ - أن حديث طلق معلول وقد أعلَّه أبو زرعة وأبو حاتم، وبالغ النووي في المجموع (٢/ ٤٢) فحكى اتفاق الحفاظ على تضعيفه!
٢ - أنه لو صح لكان حديث أبي هريرة -الذي في معنى حديث بسرة- مقدمًا عليه لأن طلقًا قدم المدينة وهم يبنون المسجد، وأبو هريرة أسلم عام خيبر بعد ذلك بست سنين فيكون ناسخًا لحديث طلق (٢).
٣ - أن حديث طلق مُبقٍ على الأصل، وحديث بسرة ناقل، والناقل مقدم لأن أحكام الشارع ناقلة عما كانوًا عليه.
٤ - أن رواة النقض بالمس أكثر وأحاديث أشهر.
٥ - أنه قول أكثر الصحابة.
٦ - أن حديث طلق محمول على أنه حكَّ فخذه فأصاب ذكره وراء الثوب كما تدل عليه رواية أنه كان في الصلاة.
الثالث: ينقض إذا كان مس الذكر بشهوة ولا ينقض إذا مسَّ بدونها: وهو رواية عن مالك، واختاره العلامة الألباني (٣)، والقائلون بهذا حملوا حديث بسرة على ما إذا كان لشهوة وحديث طلق على ما إذا كان لغير شهوة، قالوا: دل عليه قوله: «إنما هو بضعة منك» فإذا مس ذكره بغير شهوة صار كأنما مس سائر أعضائه.
الرابع: الوضوء من مسِّ الذكر مستحب مطلقًا وليس بواجب: وهو مذهب
(١) صحيح لشواهده: أخرجه ابن ماجه (٤٨١)، وأبو يعلى (٧١٤٤)، والبيهقي (١/ ١٣٠)، وانظر «الإرواء» (١١٧). (٢) وممن قال بالنسخ: الطبراني في «الكبير» (٨/ ٤٠٢)، وابن حبان (٣/ ٤٠٥ - إحسان)، وابن حزم في «المحلى» (١/ ٢٣٩)، والحازمي في «الاعتبار» (٧٧)، وابن العربي في «العارضة» (١/ ١١٧)، والبيهقي في «الخلافيات» (٢/ ٢٨٩). (٣) انظر مراجع المالكية التي تقدمت، و «تمام المنة» (ص ١٠٣) وهناك عزا هذا القول إلى أنه اختيار ابن تيمية قال: «على ما أذكر» قلت: بل مذهب ابن تيمية الرابع كما سترى فجلَّ من لا يسهو.