١ - قوله تعالى:{فابعثوا حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها}(١).
"هذا نص من الله تعالى في أنهما قاضيان لا وكيلان، وللوكيل اسم في الشريعة ومعنى، وللحكم اسم في الشريعة ومعنى، فإذا بيَّن الله -سبحانه- كل واحد منهما فلا ينبغي لشاذ -فكيف بعالم- أن يركب معنى أحدهما على الآخر، فذلك تلبيس وإفساد للأحكام"(٢) اهـ.
٢ - وقوله تعالى:{إن يريدا إصلاحًا}(٣). المراد بهما: الحكمان لا الزوجان، فدلَّ على عدم اعتبار رضا الزوجين، وعلى أن للحكمين إرادةً وحقَّ تصرف خارجةً عن إرادة الزوجين، ولو كانا وكيلين لكانت إرادتهما في التصرف هي إرادة الزوجين (٤).
٣ - وعن عبيدة قال:"شهدت عليَّ بن أبي طالب، وجاءته امرأة وزوجها، مع كلٍّ منهما فئام من الناس، فأخرج هؤلاء حكمًا وهؤلاء حكمًا، فقال عليٌّ للحكمين: أتدريان ما عليكما؟ إن رأيتما أن تفرِّقا فرَّقتما، وإن رأيتما أن تجمعا جمعتما، فقال الزوج: أما الفرقة فلا، فقال عليُّ: كذبت، والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله لك وعليك، فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله تعالى لي وعَلَيَّ"(٥).
وقول عليٍّ رضي الله عنه للحكمين كان بمحضر الصحابة، ولم ينكر أحد عليه فكان إجماعًا من الحاضرين.
٤ - ولما حصل شقاق بين عقيل بن أبي طالب وزوجه فاطمة بنت عتبة، اشتكت فاطمة لعثمان رضي الله عنه فأرسل ابن عباس ومعاوية حكمين بينهما، فقال ابن عباس:"لأفرقنَّ بينهما"(٦).
(١) سورة النساء: ٣٥. (٢) «أحكام القرآن» لابن العربي (١/ ٤٢٤). (٣) سورة النساء: ٣٥. (٤) «تفسير القرطبي» (٥/ ١٧٥)، و «زاد المعاد» (٤/ ٣٣). (٥) إسناده صحيح: أخرجه عبد الرزاق (٦/ ٥١٢)، والبغوي في «شرح السنة» (٩/ ١٩٠)، والنسائي في «الكبرى» (٤٦٧٨)، وسعيد بن منصور (٦٢٨)، والشافعي (٦٥٥)، والبيهقي (٧/ ٣٠٥). (٦) إسناده صحيح: أخرجه الطبري (٥/ ٧٤)، وعبد الرزاق (٦/ ٥١٣٢)، والشافعي (٦٥٦)، ومن طريقه البيهقي (٧/ ٣٠٦).