فتنازع فيه العلماء، فمن اعتبر الخارج وحده - كأبي حنيفة والثوري وأحمد وابن حزم - قالوا: ينقض الوضوء بكل نجاسة تسيل من الجسد من أي موضع خرجت.
ومن اعتبر المخرجين -كالشافعي- قال: ينقض إذا خرج منهما ولو لم يكن نجسًا كالحصاة ونحوها (١).
وأما الريح فإن خرجت من الدبر -بصوت أو بدونه- فناقضة للوضوء كذلك إجماعًا ولقوله صلى الله عليه وسلم:«لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ» فقال رجل من حضرموت: ما الحديث يا أبا هريرة؟ قال: فُساء أو ضراط (٢).
وإن خرجت الريح من القُبُل، فقال الجمهور (٣): تنقض، وقال أبو حنيفة ووافقه ابن حزم: لا تنقض الوضوء، لأن «الفساء والضراط» اسمان لا يقعان على الريح إلا إن خرجت من الدبر (٤).
قلت: إن وجد الريح التي تُعرف فهي ناقضة سواء خرجت من القبل أو الدبر، وإلا فمن الدبر وحده.
تنبيه: قد تحس المرأة بشيء يشبه الريح ينبعث من الفرج، فهذا اختلاج -أي: انجذاب وتحرك- وليس بريح خارجة، فلا تنقض وضوءها إذ هي بمنزلة الجشاء ونحوه، لكن إن كانت المرأة مفضاه -وهي التي اختلط مسلك بولها وغائطها- فإنها تتوضأ احتياطًا لاحتمال أن يكون خروج الريح من الدبر. والله أعلم.
٢ - خروج المني والودي والمذي:
خروج المني ناقض إجماعًا ويوجب الغُسل -كما سيأتي- وكل ما يوجب الغسل يبطل الوضوء إجماعًا (٥)، والمذي ناقض لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت رجلاً مذَّاءً، فأمرت رجلاً أن يسأل النبي صلى الله عليه وسلم لمكان ابنته فسأل فقال:«توضأ واغسل ذكرك»(٦) ونحوه الودي، فالواجب فيهما أن يغسل فرجه ويتوضأ،
(١) «المحلى» (١/ ٢٣٢)، و «بداية المجتهد» (١/ ٤٠)، و «الأوسط» (١/ ١٣٧). (٢) صحيح: أخرجه البخاري (١٣٥)، ومسلم (٢٢٥) لكن عنده بدون قول أبي هريرة. (٣) «بداية المجتهد» (١/ ٤٠)، و «الأم» (١/ ١٧). (٤) «المحلى» (١/ ٢٣٢)، و «المبسوط» (١/ ٨٣). (٥) «الإفصاح» (١/ ٧٨)، و «الإجماع» (ص ٣١). (٦) صحيح: أخرجه البخاري (٢٦٩)، ومسلم (٣٠٣).