ويُحتمل هذا التقييد على غالب الحال؛ لأنّ الغالب من نكاح المسلمين مناكحة المسلمات، والخطاب ربما يأتي مقيدًا بغالب الحال، فلا يكون له مفهوم يُخالف المنظوم، كقوله:{فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ إِنْ خِفْتُمْ}[النساء: ١٠١]، ثم لم يكن الخوف مشروطًا في جواز القصر، ولكنه نزل على الغالب، وكان الغالب من أسفارهم الخوف، ولهذا نظائر (١).
وقوله تعالى:{فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}. أي: فليتزوج مما ملكت أيمانكم. قال ابن عباس: يريد جارية أخيك في الإسلام (٢).
ولا يجوز للإنسان أن يتزوج جاريةَ نفسِه بالإجماع (٣)، ومعنى قوله:{فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} هو أن يتزوج الرجل ما يملك غيره ممّن يكون على مثل حاله من الإسلام. فأباح أن ينكح بعضنا فتاة بعض، كما فسره ابن عباس.
وقوله تعالى:{مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ}. الفتيات: المملوكات والإماء. جمع فتاة، تقول العرب للأَمَة: فتاة، وللعبد: فتى (٤).
ورُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:"لا يقولن أحُدكم: عبدي، ولكن لِيَقُل: فتاي وفتاتي"(٥).
(١) هذا الاحتمال يرجح القول الأول. (٢) بمعناه في "تفسير ابن عباس" ص١٤٣، وأخرجه الطبري ٥/ ١٩ - ٢٠، وانظر "الدر المنثور" ٢/ ٢٥٣. (٣) انظر: "الجامع لأحكام القرآن" ٥/ ١٣٩. (٤) "معاني الزجاج" ٢/ ٤٠. (٥) أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة (٢٢٤٩) كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها، باب، حكم إطلاق لفظة العبد.