فقولك في هذا: من نسائي ومن امرأتي زيادة لا حاجة بقيام المعنى إليها، فلما لم يَجُز أن يكون قوله:{مِنْ نِسَائِكُمُ} طِبقًا لقوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ} لم يَجُز أن يكون شرطًا مُرصَدًا، ولا معطوفًا عليه، وصار هذا الشرط مخصوصًا بذكر الربائب ومقصورًا عليه، دون ذكر أمهات النساء.
وقال محمد بن يزيد بن عبد الأكبر (١): قوله: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} نعت للنساء اللواتي من أمهات الربائب لا غير، والدليل على ذلك إجماع الناس أن الربيبة تحلّ إذا لم يدخل بأمها، فمن أجاز أن يكون قوله تعالى:{مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} نعتًا لقوله: {وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُم} بقيت الربائب مطلقة، وخرج أن يكون {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِن} لأمهات الربائب، وحينئذٍ لا يجوز تَزوُّج الربيبة إذا لم يدخل بأمها.
قال الزجاج: والدليل على أن ما قال أبو العباس هو الصحيح أن الخبرين إذا اختلفا لم يكن نعتهما واحدًا. لا يجيز النحويون: مررت بنسائك وهربت من نساء زيد الظريفات. على أن يكون الظريفات نعتًا (للفريقين من النساء)(٢).
وقوله تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ}. الربائب جمع الربيبة، وهي بنت امرأة الرجل من غيره، ومعناها: مربوبة؛ لأن الرجل هو يربّيها. يقال: رَبَبْتُ فلانًا أربُّه، وربّبته أُرَبِّبُه، وربّيته أُربِّيه، وربته فأنا أربته. كله معنى واحد، قاله الأصمعي (٣). قال الشاعر:
(١) هو المبرَّد تقدمت ترجمته رحمه الله، وكلامه هذا في "معاني الزجاج" ٢/ ٣٤. (٢) انتهى من "معاني الزجاج" ٢/ ٣٤، وما بين القوسين عند الزجاج: لهؤلاء النساء وهؤلاء النساء. (٣) لم أقف على قول الأصمعي بنصه كاملًا، وانظر: "تهذيب اللغة" ٢/ ١٣٣٨، "الصحاح" ١/ ١٣١ , ١٣٢، "اللسان" ٣/ ١٥٤٩ (ربب).