ثُمَّ يَتَجَلَّى (١) حَتَّى إِذَا فَرَغَ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ فِي النَّارِ بِأَثَرِ (٢) السُّجُودِ - تَأْكُلُ النَّارُ ابْنَ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ؛ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ - فَيَخْرُجُونَ مِنَ النَّارِ قَدِ امْتُحِشُوا (٣)، فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ تَحْتَهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ (٤) فِي حَمِيلِ السَّيْلِ (٥)، ثُمَّ يَفْرُغُ اللَّهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ (٦) مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ هُوَ آخِرُ أَهْلِ النَّارِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي (٧) رِيحُهَا وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا (٨)، فَيَدْعُو اللَّهَ بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللَّهُ: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ أُعْطِيتَ (٩) ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَنِي غَيْرَهُ؟ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِي رَبَّهُ (١٠) مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ، فَيَصْرِفُ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ
(١) عليه صح في موضعه.(٢) لأبي ذر عن الكشميهني: "بِآثارِ".(٣) امتحشوا: احترقوا. (انظر: النهاية في غريب الحديث. مادة: محش).(٤) الحبة: بذور البقول وحب الرياحين، وقيل: نبت صغير ينبت في الحشيش. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: حبب).(٥) حميل السيل: ما يجيء به السيل من طين أو غثاء وغيره. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: حمل).(٦) لأبي ذر وعليه صح: "مِنهم".(٧) قشبني: سَمَّني وآذاني. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: قشب).(٨) لأبي ذر وعليه صح: "ذَكَاها".ذكاؤها: شدة وهج النار. (انظر: النهاية في غريب الحديث، مادة: ذكا).(٩) لأبي ذر وعليه صح: "أعْطَيْتُكَ".(١٠) لأبي ذر عن الكشميهني: "اللَّهَ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute