"لا يكون ذلك إِكراها على القتل والقطع، وفي كونه إِكراها في الطلاق والعتاق وإتلاف المال وجهان"(١).
قلت (٢): ينبغي أن يلحق بالزنى في حق المرأة بل هو أولى. هذا كله على الوجه الذي اختاره النووي.
[شروط الإِكراه]
واعلم أنه لا بد في ذلك كله من أمور (٣):
أحدها: أن يكون المكره قادرًا على تحقيق ما هدد به، إِما لولاية، أو تغلب، أو فرط هجوم.
الثاني: أن يكون المكره عاجزًا عن الدفع، فإِن قدر بمقاومة أو استغاثة أو فرار ونحوه، فلم يفعل؛ لم يكن مكرَها.
الثالث: أن يكون الأمر المتهدد به مما يحرم على المكره تعاطيه منه، فلو قال ولي القصاص للجاني: طلق امرأتك، وإلا اقتصصت منك: لم يكن ذلك إِكراها.
الرابع: أن يكون المتهدَّد به عاجلًا، ويغلب على ظن المكلف بأنه يوقعه ناجزًا إِن لم يفعل ما أمره به، فلو قال: أقتلك غدًا أو نحو ذلك لم يكون إِكراها. والله أعلم.
(١) ذكر الرافعي قول البغوي المتقدم وذلك في فتح العزيز، جـ ١٣ ورقة (١٩/ ب). (٢) القائل في الأصل هو العلائي. (٣) ذكرها النووي في: روضة الطالبين (٨/ ٥٨، ٦١). كما ذكرها السيوطي وزاد عليها أمرين، أحدهما: أن يكون الأمر المكره عليه معينًا. والثانى: أن يحصل بفعل المكره عليه التخلص من المتوعد به. انظر: الأشباه والنظائر: (٢٠٩، ٢١٠).