ومن منع من تولي طرفي العقد، إن وكل في أحدهما، أو وكل شخصين في الإِيجاب والقبول، ففيه وجهان، أحدهما: الجواز؛ لأن المقصود رعاية التعبد، وقد حصل. وأصحهما: المنع؛ لأن فعل الوكيل فعل الموكل. بخلاف تزويج خليفة القاضي منه، والقاضي من الإِمام الأعظم، فإِنهما يتصرفان بالولاية؛ لا بالوكالة (١).
ومنها: إِذا زوج السيد أمته من عبده الصغير، على القول بأنه يجبره، قال الرافعي (٢): " فيه وجهان، كَتَوَلِّي الجد الطرفين ".
ومنها: الوكيل لا يبيع من نفسه. وهل ذلك للتهمة، أو لأن قرينة العرف تخرجه؟
فيه تعليلان، فعلى الأول: لا يبيع ممن ترد شهادته له. ويجوز: على الثاني، مهما راعى الغبطة.
وعن الاصطخرى (٣): "أن للوكيل البيع من نفسه بالثمن الذى لو باع به من غيره صح".
ولو صرح له الموكل بالإِذن في (٤) بيعه من نفسه فوجهان؟ قال ابن سريج:"يجوز" ورجحه الغزالي. وقال الأكثرون: بالمنع (٥)؛ لما فيه من اتحاد البائع والمشترى. قال
(١) ذكر ذلك الرافعي، في: فتح العزيز، جـ ٦: ورقة (١٣٠ / ب). (٢) في: فتح العزيز، جـ ٦: ورقة (١٣٠ / ب). (٣) ذكر الرافعي قول الاصطخرى، وقول ابن سريج التالي، وذلك في: فتح العزيز (١١/ ٢٩). (٤) ورد بدل هذا الحرف في المخطوطة حرف آخر هو (من)، وما أثبته هو الصواب، وهو الوارد في: المجموع المذهب: ورقة (١٠٩/ ب). (٥) علّل الرافعي ذلك بقوله: - " لما ذكرنا من تضاد الغرضين، ولأن وقوع الإِيجاب والقبول من شخص واحد بعيد عن التخاطب ووضع الكلام " فتح العزيز (١١/ ٣٠). ومراده بتضاد الغرضين: أن البائع يحرص على بيع السلعة بثمن مرتفع، والمشترى يحرص على الشراء بثمن منخفض.