"الاستصحاب متفق على اعتباره من حيث الجملة في الدين والشرع والعرف"(١).
ومسائل المذهب طافحة (٢) بالترجيح بالأصل المستصحب إِلى أن يتبين خلافه:
فمنها: إِذا اختلف الزوجان في التمكين، فقالت: سلمت نفسي إليك من وقت كذا. وأنكر، فإِن قلنا بالجديد الأصح: إِن النفقه تجب بالتمكين، فالقول قوله؛ لأن الأصل عدمه وعليها البينة. وإن قلنا: تجب بالعقد، فالقول قولها؛ لأن الأصل بقاء ما وجب، والأصل عدم المسقط.
ومنها: إِذا ولدت المرأة، وطلقها الزوج، واختلفا، فقال الزوج: طلقتك بعد الولادة فلي الرجعة. وقالت: بل قبلها فلا رجعة لك. ولم يعينا وقتا للولادة ولا للطلاق، فالقول قول الزوج؛ لأن الأصل بقاء النكاح.
فإِن اتفقا على يوم الولادة، كيوم الجمعة مثلًا؛ فقال: طلقتك يوم السبت. وقالت: بل يوم الخميس. فالقول قوله لأن الأصل استمرار النكاح يوم الخميس، وعدم الطلاق فيه.
= وكذلك العلائي: ذكر الأنواع الثلاثة وقال: إنها متفق عليها، وذكر النوع الرابع وأنه مختلف فيه وساق الخلاف؛ انظر: المجموع المذهب: ورقة (٢٨ / أ، ب). (١) لم يصرح الرازى بالاتفاق، ولكنه ذكر أن استصحاب الحال أمر لابد منه؛ ونص كلامه هو: - "واعلم: أن القول باستصحاب الحال أمر لابد منه في الدين والشرع والعرف" المحصول (ب ٢ / ق ٣/ ١٦٣). (٢) طافحة اسم فاعل من طفح، قال الجوهرى: "طفح الإناء طفوحًا، إِذا امتلأ حتى يفيض" الصحاح (١/ ٣٨٧)، وانظر: معجم مقاييس اللغة (٣/ ٤١٥). واستعمال المؤلف لهذه الكلمة من باب استعمال الأمر الحسي في الأمر المعنوى.