فأمَّا من رواه "خمسة وأربعين جزءًا" فهو قليل، على أن للخمسة والأربعين وجه مناسبة، من أن يكون عمره لم يكمل ثلاثًا وستين سنة، ومات -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في أثناء السنة الثالثة والستين، ونسبة نصف السنة إلى اثنتين وعشرين سنة، وبعض الأخرى: نسبة جزء من خمسة وأربعين جزءًا" (١٠).
ثانيًا: مذهب النسخ:
وإليه ذهب الطحاوي رحمه الله تعالى وحاصله: أن الله عز وجل جعل الرؤيا في أول الأمر جزءًا من سبعين جزءًا من النبوة، ثم نسخ ذلك فجعلها جزءًا من ستة وأربعين جزءًا من النبوة زيادة منه وفضلًا (١١).
ثالثًا: مذهب الترجيح:
وإليه ذهب القاضى عياض رحمه الله تعالى فرجح رواية الست والأربعين على غيرها من الروايات وعلل ذلك بأنَّها الأصح عند أهل الحديث والأكثر روايات (١٢).
* * *
(١٠) جامع الأصول في أحاديث الرسول (٢/ ٥١٨). (١١) انظر: مشكل الآثار (٣/ ٣٤). (١٢) انظر: إكمال المعلم (٧/ ٢١٢)، تنبيه: نسب القرطبي في المفهم (٦/ ١٢) القول بالترجيح للمازري وهو وهم لأني لم أقف عليه في المعلم بعد طول بحث ووجدته في إكمال المعلم للقاضي عياض -كما تقدم-، ثم وجدت صاحب طرح التثريب نبه على هذا الوهم وقال: (٨/ ٢٠٨) "وحكى أبو العباس القرطبي عن المازري أنّها الأكثر والأصح عند أهل الحديث ولم أقف على ذلك في المعلم وإنما هو في الإكمال للقاضي وكأنه اشتبه عليه".