وفي رواية أخرى أنه ذُكر لعائشة أن عبد الله بن عمر يقول: إن الميت ليعذب ببكاء الحي، فقالت عائشة: يغفر الله لأبي عبد الرحمن أما إنه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مرَّ رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- على يهودية يُبكى عليها فقال:"إنَّهم ليبكون عليها وإنَّها لتعذب في قبرها"(١١).
وفي رواية لمسلم أنَّها قالت: رحم الله أبا عبد الرحمن شيئًا فلم يحفظه (١٢)، ثم ذكرت الحديث السابق.
[بيان وجه التعارض]
بالنظر إلى الأحاديث السابقة نجد أن عمر وابنه والمغيرة بن شعبة رضي الله عنهم يروون عن النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أن الميت يعذب ببكاء الحى عليه.
وفي المقابل نجد أن عائشة رضى الله عنها تنكر هذه الرواية وترى أنَّها معارضة للقرآن، وتتهم الراوي لها بالخطأ والنسيان، وتروي أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال ذلك في الكافر، وفي بعض الأحيان تروي ما يفيد أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أراد بقوله ذلك أن الميت يعذب حال بكاء أهله عليه كما في قوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنه ليعذب بخطيئته وذنبه وإن أهله ليبكون عليه الآن"؟ ! .
* * *
(١١) متفق عليه: البخارى: كتاب الجنائز، باب: قول النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه" (١/ ٤٣٣) ح (١٢٢٧). ومسلم واللفظ له: كتاب الجنائز، باب: الميت يعذب ببكاء أهله عليه (٦/ ٤٨٨) ح (٢٧). (١٢) مسلم: كتاب الجنائز، باب: الميت يُعذب ببكاء أهله عليه (٦/ ٤٨٧) ح (٩٣١).