قال البيهقي:"فاتفقت رواية عبد الله بن مسعود وعائشة وأبىِ هريرة رضى الله عنهم على أن هذه الآيات أُنزلت في رؤية النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- جبريل عليه السلام، وفي بعضها أسند الخبر إلى النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وهو أعلم بمعنى ما أنزل إليه"(٥١).
وأخرج ابن مردويه بإسناد مسلم -كما يقول الحافظ ابن حجر- عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت: يا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال:"لا، إنما رأيت جبريل"(٥٢).
٢ - ما جاء في صحيح مسلم عن أبي ذر رضى الله عنه أنه قال: سألت رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- هل رأيت ربك؟ قال:"نور أنَّى أراه".
وفِى طريق آخر عن أبي ذر أنه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قال:"رأيت نورًا"(٥٣).
فقالوا: هذا حديث صريح في نفي الرؤية، بل هو أبلغ من النفي الصريح لمجيئه على صورة الاستفهام الإنكاري، لأن معناه: كيف أراه وقد منعني من رؤيته النور؟ وهذا النور هو الحجاب الوارد في حديث أبي موسى رضى الله عنه:"حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلقه (٥٤) "(٥٥).
ثالثًا: مذهب التوقف:
حُكى عن سعيد بن جبير (٥٦) رحمه الله وإليه ذهب القرطبي والذهبي وعزاه
(٥٠) وقد تقدم تخريجهما ص (٣٠٣، ٣٠٤). (٥١) الأسماء والصفات (٢/ ٣٥١، ٣٥٢). (٥٢) انظر فتح الباري (٨/ ٦٠٧). (٥٣) تقدم تخريجه ص (٣٠٣). (٥٤) تقدم تخريجه ص (٢٦٤). (٥٥) انظر مجموع الفتاوى (٦/ ٥٠٧ - ٥٠٨). شرح العقيدة الطحاوية (٢٢٤). أضواء البيان (٣/ ٣٦٤). (٥٦) انظر الشفا للقاضي عياض (١/ ٢٦٠).