[المطلب الأول ذكر الأحاديث التي قد يوهم ظاهرها التعارض]
[أولًا: ذكر النصوص الدالة علي عدم الرؤية]
عن مسروق قال: كنت متكئًا عند عائشة فقالت: "يا أبا عائشة ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية، قلت ما هن؟ قالت: من زعم أن محمدًا -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رأى ربه فقد أعظم على الله الفرية، قال: وكنت متكئًا فجلست فقلت: يا أم المؤمنين أنظريني ولا تعجليني، ألم يقل الله عز وجل:{وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ}(١){وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى}(٢) فقالت: أنا أوَّل هذه الأمة سال عن ذلك رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فقال: "إنما هو جبريل لم أره على صورته التي خلق عليها غير هاتين المرتين، رأيته منهبطًا من السماء سادًّا عظم خلقه ما بين السماء إلى الأرض" فقالت: أو لم تسمع أن الله يقول: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}(٣) أو لم تسمع أن الله يقول: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ}(٤) قالت: ومن زعم أن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كتم شيئًا من كتاب الله فقد أعظم على الله الفرية، والله يقول:{يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ}(٥) قالت: ومن
(١) سورة التكوير. آية (٢٣). (٢) سورة النجم. آية (١٣). (٣) سورة الأنعام. آية (١٠٣). (٤) سورة الشورى. آية (٥١). (٥) سورة المائدة. آية (٦٧).