وعن مسروق قال: "كنا عند عبد الله جلوسًا وهو مضطجع بيننا فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن إن قاصًّا عند أبواب كندة يقصُّ ويزعم أن آية الدخان تجىء فتأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام، فقال عبد الله -وجلس وهو غضبان-: يا أيها الناس اتقوا الله، من علم منكم شيئًا فليقل بما يعلم، ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم، فإنه أعلم لأحدكم أن يقول لما لا يعلم: الله أعلم فإن الله عز وجل قال لنبيه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}(١٠) إن رسول الله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لما رأى من الناس إدبارًا فقال:"اللهم سبع كسبع يوسف" فأخذتْهم سنة حصَّت (١١) كل شيء حتي أكلوا الجلود والميتة من الجوع، وينظر إلى السماء أحدهم فيرى كهيئة الدخان، فأتاه أبو سفيان فقال: يا محمد إنك جئت تأمر بطاعة الله وبصلة الرحم وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم، قال الله عز وجل: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ (١٠) يَغْشَى النَّاسَ هَذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} إلى قوله: {إِنَّكُمْ عَائِدُونَ}(١٢)
(٦) هو ظهور الروم على فارس يوم بدر وهو الذى أخبر الله تعالى عنه بقوله: {الم (١) غُلِبَتِ الرُّومُ (٢) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ} سورة الروم الآيات (١ - ٣). انظر سنن الترمذى (تحفة ٩/ ٥٠). (٧) سيأتي الكلام عنها إن شاء الله تعالى ص (٤١٨، ٤٢٢). (٨) اللزام: هو الوارد في قوله تعالى: {فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} سورة الفرقان آية (٧٧) أي يكون عذابُهم لازمًا وهو ما وقع لكفار قريش يوم بدر من القتل والأسر. انظر: النهاية لابن الأثير (٤/ ٢٤٨) ومسلم بشرح النووي (١٧/ ١٤٨) تفسير ابن كثير (٣/ ٥٢٨). (٩) متفق عليه: البخارى فى مواضع من كتاب التفسير، باب: {فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} (٤/ ١٧٨٥) ح (٤٤٨٩). وفي باب: {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُبِينٍ}. (٤/ ١٨٢٣) ح (٤٥٤٣). وفى باب: {يَوْمَ نَبْطِشُ الْبَطْشَةَ الْكُبْرَى} (٤/ ١٨٢٥) ح (٤٥٤٨). ومسلم: كتاب صفات المنافقين وأحكامهم، باب: الدخان (١٧/ ١٤٨) ح (٢٧٩٨). (١٠) سورة ص آية (٨٦). (١١) أى أذهبته واستأصلته. انظر: النهاية لابن الأثير (١/ ٣٩٦) مسلم بشرح النووى (١٧/ ١٤٦). (١٢) سورة الدخان. الآيات (١٠ - ١٥).