فمتعقب بأن الجمع ممكن -كما تقدم- والترجيح لا يصار إليه مع إمكان الجمع، ولذلك قال سليمان بن عبد الله رادًّا على مذهب الترجيح:"قلت: الجمع ممكن بحمل النهي على الكراهة أو على خلاف الأولى"(٦).
وقال أبو جعفر النحاس:"لا نعلم اختلافًا بين العلماء أنه لا ينبغي لأحد أن يقول لأحد من المخلوقين مولاي"(٧).
ج - وأما ما يتعلق بلفظ العبد والأمة فالراجح هو: ما تقدم بيانه من أن النهي متوجه إلى السيد لأنه مظنة الاستطالة والتعاظم، وأما استعمال هذين اللفظين من الغير للتعريف والإخبار والوصف فجائز.
د- وأما ما يتعلق بمسألة الجمع بين الله تعالى وسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في ضمير واحد فالذي يظهر والله تعالى أعلم هو كراهة ذلك لما قد يوهم من التسوية بين الله تعالى ورسوله -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، ولعل أمر النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- الخطيب بالعطف من هذا الباب، ومن باب -أيضًا- تعظيم الله تعالى وتوقيره والتأدب معه، ولذلك فإن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- في حديث عمر المشهور "إنما الأعمال بالنيات .. " قال: "فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله .. " ولم "يقل في الجزاء: فهجرته إليهما، وإن كان أخصر، بل أتى بالظاهر فقال: فهجرته إلى الله ورسوله، وذلك من آدابه في تعظيم اسم الله أن يُجمع مع ضمير غيره"(٨).
(٦) تيسير العزيز الحميد ص (٦٥٥). (٧) نقل ذلك عنه النووي في الأذكار ص (٥٢١). (٨) طرح التثريب (٢/ ٢٤).