أي مقطوعٍ، قد قُطعتْ أكارِعُ جلدِهِ، هكذا فسَّرُوه، وهذا ينبئ أنَّه الدُّفُّ الَّذي وصفناه، وصحيحُ الرِّوايةِ ما قدَّمناه، ورأيتُ صاحِبَ «لحن العامة»(١) قال: ويقولونُ لبعضِ الدِّفَفَةِ: مِزْهَرٌ. وإنَّما المِزهرُ: العودُ الَّذي يُضربُ به. فدلَّ قولُه أنَّه ليسَ بعربِيٍّ.
ومعنى قولِها في الرِّوايةِ الأخرى:«كَثِيرَةُ المَسَالِكِ، قَلِيلَةُ المَبَارِكِ»(٢) - فإن لم يكنُ وهمًا من الرِّوايةِ- فمعناه: أنَّها كثيرةٌ في حالِ سرحِها ورعيِها، قليلةٌ في مبارِكِها / لكثرةِ / ما نُحر منها، أو أنَّها كثيرةُ مسالِكِ سُبلِ الخيرِ والمعروفِ، أي: يوجهُهَا ويسلكُ بها غيرَ مسلكٍ منَ المعروفِ، مِنْ رفدٍ ومعونةٍ وحملٍ وضيافةٍ وحِمالةِ دينٍ ودِيَةٍ وصلحٍ، ونحو ذلك، / كما قال بعضُ بني العنبرِ (٣):
ومنه حديث عليٍّ - رضي الله عنه - وقد سألَ أبا الفَرَزْدَقِ غَالبَ بنَ صَعْصَعَةَ عن إبلِهِ فقال: يا أميرَ المؤمنين ذَعْذَعَتْها النَّوائِبُ، وفَرَّقَتْها الحُقوقُ، فقالَ عليٌّ - رضي الله عنه -: ذلك أفضَلُ سُبُلِهَا. وكان / غالبٌ قبلُ ذَا إبِلٍ كثِيرةٍ (٥).
(١) «لحن العوام» لأبي بكر الزبيدِيّ (ص: ٣٢٠). (٢) هي رواية سعيد بن سلمة، وقد سبق الكلام عليها. (٣) البيت من الطويل وهو لسَالم بن قحفان الْعنبَري، ينظر: «ديوان الحماسة» (ص: ١٧٤). (٤) في جميع النسخ: «لمقترٍ»، والتصويب من «ديوان الحماسة». (٥) أخرجه ثابت السرقسطي في «الدلائل» (٢/ ٦٢١)، والعسكري في «تصحيفات المحدثين» (٢/ ٤٢٢).