تهتدِيَ لِأمرِها، ولا تستقيمَ لِسبيلِها، ويكادَ بصرُها يَعْشُو إذا نظرتْ إلى جمالِها وكمالِها؛ إذ ليستْ كذلك، ويَعقِرَها ويُبْكِيَها حسدًا لها، وعِبْرةً (١) بها.
فيكونُ معنى يَعقِرُهَا: إمَّا (٢): يُهلِكُها حسدًا، (ويُسبِّبُ حَيْنَها)(٣)، أو يجرحُ لذلك قلبَها ويُبكِيه، على ما تقدَّم منْ تفسيرِ:«عَقْرِ»، ويكونُ معنى هذِه الألفاظِ كلِّها متشابهًا، إنْ شاءَ اللهُ تعالى. /
فِقْهُهُ:
في هذا الحديثِ: جوازُ وصفِ النِّساءِ ومحاسِنِهِنَّ مع النِّساءِ والرِّجالِ إذا كُنَّ مجهُولاتٍ؛ فبِنْتُ أبي زَرعٍ- وإنْ كانتْ منسُوبةً- فهي في حكمِ المجهُولةِ؛ لِبُعدِ وقتِها، وفناءِ زمنِها، ومَجْهَلةِ عينِها وأبِيها، والَّذي يُمنعُ منْ ذلك: وصفُ النِّساءِ المُعيَّناتِ بحضرَةِ الرِّجالِ، وأنْ يُذكرَ منْ أوصافِهِنَّ على التَّفصيلِ مَا لَا يجوزُ للرِّجالِ إشفَافُ النَّظرِ إليه، أو تُوصَفَ عَوْرَاتُهُنَّ، وما لا يجوزُ إطلاعُ الرِّجالِ والنِّساءِ عليه؛ وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تَصِفُ إحْدَاكُنَّ جَارَتَها إلى زَوْجِهَا، حتَّى كأنَّهُ يَرَاهَا»(٤).
وزَجَرَ - صلى الله عليه وسلم - «هِيتَ» المُخَنَّثَ، ويُقالُ:«مَاتِعٌ» المُخَنَّثُ- والقِصَّةُ [لِهِيتَ](٥) أشهرُ- ومنعَهُ الدُّخولَ على نسائِهِ؛ إذ سَمِعَ منه مِنْ وصَفِهِ لبادِيَةَ بنتِ غَيْلَانَ
(١) في المطبوع: «وغيرة». (٢) في (ت): «أي». (٣) تصحف في (ك): «وبسبب حبها»، والمعنى: يسبب هلاكها. (٤) أخرجه البخاري (٥٢٤٠، ٥٢٤١) من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ - رضي الله عنه -، قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم -: «لا تُبَاشِرُ المَرْأَةُ المَرْأَةَ، فَتَنْعَتَهَا لِزَوْجِهَا كَأَنَّهُ يَنْظُرُ إِلَيْهَا». (٥) ليس في (ت).