وفي الكتابِ العزيزِ:{وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا بَصِيرًا}[النساء: ١٣٤]، و {إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}(١)[الإسراء: ٤٤] في أمثلةٍ كثيرةٍ، وهو تعالى كان في الأَزَلِ كذلك، وكذلك هو جلَّ اسمُهُ، وعليه حملَ بعضُهُم قولَهُ تعالى:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ}[آل عمران: ١١٠]، و {مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا}[مريم: ٢٩].
فِقْهٌ:
قال المُهَلَّبُ بنُ أَبِي صُفْرَةَ الفَقِيهُ (٢): فيهِ مِنَ / الفقهِ: جوازُ التَّأسِّي بأهلِ الإحسانِ مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ؛ ألَا تَرَى أنَّ أمَّ زرعٍ أخبرتْ عنْ أبي زرعٍ بجميلِ عِشرتِهِ فامتَثَلَهُ النَّبيُّ / - صلى الله عليه وسلم -.
قال الفقيه القاضي أبو الفضل - رضي الله عنه -:
وهذا عِندِي غيرُ مُسلَّمٍ؛ لأَنَّا لا نقولُ أنَّ النَّبيَّ - صلى الله عليه وسلم - اقتدَى / بأبي زرعٍ، بلْ أخبرَ أنَّه لها كأبي زرعٍ، / وأَعْلَمَ أنَّ حالَهُ معهَا مثلُ حالِ ذلِكَ، لا على التَّأسِّي بهِ، وأمَّا قولُه بجوازِ التَّأسِّي بأهلِ الإحسانِ مِنْ كلِّ أُمَّةٍ، فصحيحٌ ما لمْ تُصادِمْهُ الشَّريعةُ.
وفيهِ مِنَ الفِقْهِ: جوازُ ذلِكَ، قولُ المرءِ لصاحِبِهِ: بِأبِي أنتَ وأمِّي، وفداكَ أبِي وأمِّي، وهما بمعنًى واحدٍ، وقد قالَهُ النَّبيُّ - صلى الله عليه وسلم - لِسَعْدٍ - رحمه الله - (٣)
(١) في جميع النسخ: {إِنَّ اللهَ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا}. (٢) ينظر: «شرح صحيح البخاري» لابن بطال (٧/ ٢٩٨)، و «التوضيح» (٢٤/ ٥٦٩)، و «عمدة القاري» (٢٠/ ١٧٨). (٣) أخرجه البخاري (٣٧٢٥، ٤٠٥٥، ٤٠٥٦، ٤٠٥٧)، ومسلم (٢٤١٢/ ٤٢) واللفظ له من حديث سعيد بن المسيب، عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، قَالَ: «لَقَدْ جَمَعَ لِي رَسُولُ الله - صلى الله عليه وسلم - أَبَوَيْهِ يَوْمَ أُحُدٍ».