وصفَتْ هذِه بِرَّ زوجِها بِهَا، وتدَلُّلَها عليه، وترفِيهَهُ لها، وكثرَةَ إحسانِه إليها، فوصفَتْ أنَّه لا يرُدُّ قولَها، ولا يُقبِّحُ عليها ما تأتِي به منْ كلامٍ، لإكرامِه إيَّاها، وميلِه إليها وعزَّتِها عنده، وهذا ممَّا يدل على العِزَّةِ، كما قال السَّمَوْأَلُ (١):
وأنَّها تنامُ صُبحتَها، ولا تُنبَّهُ من نومِها حتَّى تَنتَبِهَ؛ ترفيهًا لها، ودلَّ مِنْ هذا الفصلِ أنَّ غيرَها يقومَ بمؤنةِ بيتِها، ومهنةِ أهلِها، وأنَّ لها منَ الخدمِ من يكفِيها ذلك؛ فلذلك تصبَّحتْ في نومِها، كما قال امرُؤ القَيْسِ (٢):
............................. ... نَؤُومُ الضُّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عن تَفَضُّل
أي تشدُّ نطاقَها / للخدمةِ، وأنَّها تشربُ حتَّى لا تجدُ له مساغًا فتكرهُ الشُّربَ بعدُ لتمامِ رِيِّهَا، أو أنَّها لا يُقلَّلُ مشروبُها، ولا تُنَاهَبُ، ولا يُقطعُ عليها،
(١) البيت من الطويل، ينظر: «ديوان الحماسة» (ص: ١٦)، و «عيار الشعر» (ص: ١٠٧)، و «أمالي القالي» (١/ ٢٦٩). (٢) البيت من الطويل، وهو من معلقته، وتمامه: وَتُضْحِي فَتِيتُ الْمِسْكِ فَوْقَ فِرَاشُهَا ** نَئُومُ الضُّحَى لَمْ تَنْتَطِقْ عن تَفَضُّلِ ينظر: «ديوانه» (ص: ٤٤)، و «شرح القصائد السبع الطوال الجاهليات» (ص: ٦٥). (٣) البيت من البسيط، وتمامه: ولا تأرّى لما في القدر ترصدهُ ** ولاتقوم بأعلى الفجر تنتطقُ ينظر: «ديوانه» (ص: ١٠٠).