وفي طَيِّهَ بابٌ رابِعٌ من البديعٍ، وهو: مُجانَسةُ «جَمَلٍ»«بِجَبَلٍ»، وهو- إنْ لم يجانسْهُ في كُلِّ حروفِهِ- فقد جانَسَهُ في أكثرِها، / وقد اختلفَ أربابُ البلاغةِ والنَّقدِ في هذا النَّوعِ إذا لم يكنْ مُشتقًّا من أصلٍ واحدٍ: فسمَّاها بعضُهم: «مُجانَسَةً» تغليبًا للأكثرِ.
وأمَّا أبو الفرجِ قُدامَةُ (١) فسمَّى هذا النَّوعَ: «مُضارَعَةً»(٢)، وهذا مثلُ قولِ أمِّ زرعٍ أيضًا:«رَجُلًا سَرِيًّا، رَكِبَ شَرِيًّا».
(١) أبو الفرج قُدَامة بن جعفر ابن قُدَامة، الكاتب الأخباريّ. أحد البلغاء الّذي ضربَ الحريري به المثل في قوله: ولو أوتي بلاغة قُدَامة. كان قُدَامة فيلسوفًا نصرانيًا، فأسلم على يد المكتفي باللَّه. وكان موصوفًا بمعرفة عِلْم المنطق (ت: ٣٣٧ هـ). ينظر: «معجم الأدباء» (٥/ ٢٢٣٥)، و «تاريخ الإسلام» (٧/ ١٩٠)، و «البداية والنهاية» (١٥/ ١٩٨). (٢) ينظر: سر الفصاحة (ص: ١٩٨).