وشاهِدْ إذا استجليتَ نفسَك ما ترى … بغير مَراءٍ في المَرَائي الصَّقيلةِ (٢)
= الإدراك أنه ما ثَمَّ غيرٌ ولا سوى، بل وِحدةٌ مطلقة تشمل كلَّ مظاهِرِ الموجود، هذا وغيره يجعلنا نوقنُ أن ابنَ الفارض ممن يؤمنون بالوحدة، لا بالاتحاد؛ لأن الاتحادَ "افتعالٌ" يستلزمُ ثبوتَ وجودَينِ اتَحد أحدُهما بالآخر، في حين أنه هنا -وفي مواضعَ كثيرةٍ- يقرِّرُ وحدةَ الوجودِ في أزلٍ وأبدٍ وسَرمدٍ وآنٍ، وأنه ما كان في حالٍ ما ولا آنٍ ما ثنائيًّا أبدًا، بل كان دائمًا هو الوجودَ الواحد. (١) اسم الشخص الذي بنى عليه الحريري "مقاماته". (٢) يَرُدُّ الشيخُ الجليلُ ابنُ تيميَّة على هذا المَثَلِ الذي يُمثِّلُ به ابنُ الفارض الوحدة بين الحقِّ والخلق، فيقول: "فلو قُدِّرَ أن الإنسانَ يَرى نفسَه في المرآة، فالمرآةُ خارجةٌ عن نفسه، فرأى نفسَه، أو مثالَ نفسِه في غيره، والكونُ عندهم ليس فيه غيرٌ ولا سِوًى، فليس هناك مَظهرٌ مخالفٌ للظاهرِ، ولا مرآةٌ مغايرةٌ للرائي، وهم يقولون: إن الكونَ مَظاهرُ الحق، =