ب - وأما "الحافظ أسلم" و"مقبول أحمد" -ومَن تَبِعَها-، فيرَوَن أنَّ "الجنةَ والنارَ وما وُصِفتا به مِن نعيمٍ وعذابٍ صُورتانِ تمثيليَّتان، حَسبما كانت تَعرفُه وتُحِسُّ به البشريةُ عَصْرَ نزولِ القرآن، وقد اختلفَ الحسُّ البشريُّ في النعيم والعذابِ في الآونةِ المعاصِرة، فلذا ينبغي وَضعُ تعريفاتٍ جديدةٍ للجنَّةِ والنار، فلا يَلزمُ مِنِ احتراقِ النار احتراقٌ حِسِّيٌّ للجسم، بل المرادُ المشقَّةُ والكربُ التي تجعلُ الإنسانَ يُحِسُّ بالاحتراقِ داخلَ نفسِه"(١).
جـ- أمَّا "برويز" والخواجة "أحمد الدين" و"جعفر شاه بلواري"(٢) ومن نحا نحوهم، فيَرَوْن أنَّ الجنَّةَ والنارَ طَوْرٌ من أطوار الحياة البشرية، وأنَّ نُموَّ الحياةِ وإزدهارَها يعني حياةَ الجنَّة، وتوقُّفَها وعدمَ الرُّقِيَّ فيها يعني الجحيمَ والنارَ، كما أنَّ الجنَّةَ والنارَ ليستا الحَلْقَةَ الأخيرةَ من حياةِ البشر، ولا من الأشياءِ التي لا نَجِدُها إلَّا بعد الموت، بل الحياةُ أمرٌ أبديٌّ، والرُّقِيُّ مِن منزلةٍ إلى أخرى قائمٌ فيها على قَدَمٍ وساق، وسيَبقى إلى الأبد، فالجنةُ والنارُ تعبيراتُ لكيفيَّاتِ الحياةِ، لا أنهما أسماءُ أمكِنةٍ خاصةٍ" (٣).
(١) "تعليمات قرآن" للحافظ أسلم (ص ٢١٢، ٢٢٥). (٢) أحد زعماء "طلوع إسلام"، وأحد المكثرين في الكتابة في الآونة المعاصرة عن آراء القرآنيين. (٣) "تبويب القرآن" لبرويز (٢/ ٢٥٥، ٥٥٧)، ومجلة "طلوع إسلام" (ص ٢٤) عدد أكتوبر ١٩٥١ م. (٤) "القرآنيون وشبهاتهم حول السنة" لخادم حسين إلهي بخش (ص ٣٦٥ - ٤٤٠).