المطلب السادس: رجوع الزوج عن إذنه لزوجته في الاعتكاف, وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
إذا استأذنت المرأة زوجها في الاعتكاف, فأذن لها, واعتكفت, هل يجوز للزوج أن يرجع عن إذنه؟
المسألة الثانية: حكم رجوع الزوج عن إذنه لزوجته في الاعتكاف:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة, على قولين:
القول الأول:
يجوز للزوج أن يرجع عن إذنه لزوجته في الاعتكاف, إذا كان الاعتكاف تطوعا, ولا يجوز رجوعه إذا كان الاعتكاف واجبا, وهذا ما ذهب إليه الشافعية (١) , والحنابلة (٢).
أدلة القول الأول:
أولا: الدليل على جواز الرجوع عن الإذن في اعتكاف التطوع:
حديث عائشة -رضي الله عنها-، قالت: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يعتكف في كل رمضان، وإذا صلى الغداة دخل مكانه الذي اعتكف فيه، قال: فاستأذنته عائشة أن تعتكف، فأذن لها، فضربت فيه قبة، فسمعت بها حفصة، فضربت قبة، وسمعت زينب بها، فضربت قبة أخرى، فلما انصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من الغداة أبصر أربع قباب، فقال: (ما هذا؟ )، فأخبر خبرهن، فقال: (ما حملهن على هذا؟ آلبر؟ انزعوها فلا أراها)، فنزعت (٣).
وجه الاستدلال من الحديث:
الحديث صريح في إذنه -صلى الله عليه وسلم- لزوجاته بالاعتكاف ابتداءً, ثم رجع عن إذنه بعدما شرعن في الاعتكاف, وظاهره أنه كان في اعتكاف تطوع؛ لأنهن أردن الاستنان بسنته في اعتكافه برمضان.
(١) ينظر: الحاوي الكبير, للماوردي ٣/ ٥٠٣, والمهذب في فقة الإمام الشافعي, للشيرازي ١/ ٣٤٩, والبيان في مذهب الإمام الشافعي, لابن أبي الخير العمراني ٣/ ٥٧٢ - ٥٧٣.
(٢) ينظر: الكافي, لابن قدامة ١/ ٤٥٤, والمبدع, لابن مفلح ٣/ ٦٣, وكشاف القناع, للبهوتي ٢/ ٣٥٠.
(٣) أخرجه البخاري في صحيحه, كتاب: الاعتكاف, باب: الاعتكاف في شوال (٢٠٤١) ٣/ ٥١, ومسلم في صحيحه, كتاب: الاعتكاف, باب: متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه (١١٧٢) ٢/ ٨٣١.