المطلب الثالث: كفارة من جامع يظن غروب الشمس, وفيه مسألتان:
المسألة الأولى: صورة المسألة:
من ظن أن الشمس في نهار رمضان قد غربت, فجامع, ثم تبين له عدم غروبها, هل تجب عليه الكفارة بذلك الجماع؟
المسألة الثانية: حكم كفارة من جامع يظن غروب الشمس:
اختلف الفقهاء في هذه المسألة, على قولين:
القول الأول:
من جامع ظانا أن الشمس قد غربت, وهي لم تغرب, لا تجب عليه كفارة, وهذا ما ذهب إليه جمهور أهل العلم من: الحنفية (١) , والمالكية (٢) , والشافعية (٣) , ورواية عند الحنابلة (٤).
دليل القول الأول:
كفارة الجماع في نهار رمضان تسقط بالشبهة, وفي هذه الصورة وجدت الشبهة بظن غروب الشمس (٥).
القول الثاني:
من جامع ظانا أن الشمس قد غربت, وهي لم تغرب, تجب عليه الكفارة, وهذا المذهب عند الحنابلة, ومن مفردات المذهب (٦).
دليل القول الثاني:
لم يستفصل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن حال الوقاع, لمن جاء يسأل عن كفارة الوقاع في نهار رمضان في حديث أبي هريرة (٧) ' (٨).
يمكن أن يناقش وجه الاستدلال بالحديث:
جاء في الحديث أن السائل قال: (وقعت على امرأتي وأنا صائم) (٩) , ولو كان يظن أن الشمس قد غربت, وأن الفطر قد حل له, لأبدى عذره بين يدي النبي -صلى الله عليه وسلم- ولقال: (وكنت أظن الشمس قد غربت).
الترجيح:
يظهر -والله أعلم- رجحان القول الأول؛ لوجاهة تعليلهم, ولورود المناقشة على استدلال القول الثاني.
(١) ينظر: البناية, للعيني ٤/ ١٠١, وحاشية ابن عابدين ٢/ ٤٠٥.
(٢) ينظر: الكافي, لابن عبدالبر ١/ ٣٥٠, والقوانين الفقهية, لابن جزي ص: ٨١, وأسهل المدارك, للكشناوي ١/ ٤١٨.
(٣) ينظر: فتح العزيز, للرافعي ٦/ ٤٤٩, والمجموع, للنووي ٦/ ٣٠٧, وروضة الطالبين, للنووي ٢/ ٣٧٧ - ٣٧٨.
(٤) ينظر: الإنصاف, للمرداوي ٣/ ٣١٣, وتصحيح الفروع, للمرداوي ٥/ ٤١.
(٥) ينظر: فتح العزيز, للرافعي ٦/ ٤٤٩, وروضة الطالبين, للنووي ٢/ ٣٧٧ - ٣٧٨.
(٦) ينظر: الإنصاف, للمرداوي ٣/ ٣١٣, وتصحيح الفروع, للمرداوي ٥/ ٤١, وكشاف القناع, للبهوتي ٢/ ٣٢٥.
(٧) ينظر: شرح منتهى الإرادات, للبهوتي ١/ ٤٨٤.
(٨) سبق تخريجه ص: ١٩٨.
(٩) سبق تخريجه ص: ١٩٨.