لصفيةَ عمَّةِ رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فبَكتْ عَلَيه وصَاحَتْ، فأتَاها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فقالَ:"يا عَمَّةُ ما يُبكيكِ؟.
قالت: تُوفِّيَ ابني، قَالَ: "يا عمَّةُ مَن تُوفِّي له ولدٌ في الإِسلامِ فصبرَ، بَنى اللَّهُ له بيتًا في الجنَّةِ"، فسكتت، ثم خَرجَت مِن عندِ رسولِ اللَّهُ -صلى اللَّه عليه وسلم- فاستَقْبَلَهَا عُمرُ بْنُ الخطابِ، فقالَ: يا صَفيةُ لقد سَمِعْتُ صُراخَكِ. إن قرابَتك من رَسُولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- لن تغنيَ عنكِ مِنَ اللَّهِ شيئًا، فَبكَتْ، فسمِعَها (١) النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وكانَ يُكرمُهَا ويُحبُّها، فقالَ: "يا عمةُ أتبكينَ وقد قُلتُ لك ما قُلتُ؟ " قالت: ليسَ ذَاكَ أَبْكَانِي يا رسولَ اللَّهِ، استقبلني عُمرُ بْنُ الخطَّابِ، فقالَ: إن قرابَتَكِ مِن رسولِ اللَّهِ لن تُغني عَنكِ مِنَ اللَّه شيئًا، قال: فغَضِبَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقالَ: "يا بلالُ هجِّر (٢) بالصَّلاةِ" فهجَّر بلالٌ بالصَّلاةِ، فصعَد المنبرَ النَّبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فحمِدَ اللَّه وأثنى عَلَيه، ثم قال: "مَا بالُ أقوام يزعمون أن قرابَتي لا تنفعُ؟ كلُّ نسبٍ وسَبب مُنقطعٌ يومَ القيامةِ إِلَّا سَبِبِي ونَسَبِي، فإنها هي مَوصولةٌ في الدُّنيا والآخرةِ".
فقال عُمرُ: فتزوَّجتُ أمَّ كُلْثُومٍ بنتَ عَليٍّ لمَّا سَمِعتُ من رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يومئذٍ، أحببتُ أن يكونَ لي مِنْهُ سَبَبٌ ونسبٌ، ثم خَرجَتْ مِن عِند رسول اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فمرَّتْ عَلَيَ ملإٍ من قُريشٍ، فإذا هُم يتفاخرُونَ ويذكُرُونَ [أمرَ] الجاهليةِ، فقَالَتْ: مِنَّا رسولُ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقالوا: إن الشجرةَ (٣) لتنبتُ في الكِبَا (٤)، قال: فمررت (٥) إلى النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فأخبرتُهُ، فقالَ: "يا بلالٌ هَجِّر (٢) بالصَّلاةِ، فحَمِدَ اللَّهَ وأثنى عليه، ثم قَالَ:"يا أيُّها النَّاسُ: منَ أنا؟ " قالوا: أنتَ رسولُ اللَّه، قال: انسبوني (٦)، قالوا:
(١) في (ب): فسمعه. (٢) قوله: "هَجِّر"، من التهجير وهو التبكير إلى كل شيء والمبادرة إليه. (٣) في الأصلين: الشجر. (٤) قوله: "الكِبَا": هي الكناسة والتراب الذي يكنس من البيت. (٥) في (ب): فمرت. (٦) في (ب): أتسبوني. وهو تصحيف.