ويستدل منها على النسخ: بأن هذه الأدلة تدل على أن سجود السهو كله قبل السلام؛ حيث إن حديث عبد الله ابن بحينة، وحديث معاوية -رضي الله عنهما- يدلان على السجود قبل السلام في النقصان، وحديث أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- وعبد الرحمن بن عوف-رضي الله عنهما-يدلان على السجود قبل السلام في الزيادة، ثم إن معاوية -رضي الله عنه- قد صحب النبي -صلى الله عليه وسلم- بعد فتح مكة، وهو يحدث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- سجد قبل السلام، فيدل ذلك على أن السجود قبل السلام هو آخر الأمرين، وأنه الناسخ لما يدل على السجود بعد السلام، ويؤكد ذلك ما روي عن الزهري أنه قال:(سجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- سجدتي السهو قبل السلام وبعده، وآخر الأمرين بعد السلام)(١)، فثبت بذلك أن سجود السهو كله قبل السلام، سواء كان للزيادة أم للنقصان، وأنه آخر الأمرين (٢).
واعترض عليه: بأن حديث معاوية -رضي الله عنه- لا يصح الاستدلال منه على النسخ؛ لأن في سنده كلام، ثم روى عنه السجود بعد السلام (٣)، وعلى تقدير صحته وسجوده قبل السلام فإن قوله:(هكذا رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صنع)
(١) أخرجه البيهقي في السنن الكبرى ٢/ ٤٨٠، والحازمي في الاعتبار ص ٣٠٠. قال البيهقي: (إلا أن قول الزهري منقطع لم يسنده إلى أحد من الصحابة، ومطرف بن مازن غير قوي). (٢) انظر: الأم ١/ ٢٤٦؛ الحاوي ٢/ ٢١٥؛ السنن الكبرى ٢/ ٤٧٧؛ الاعتبار ص ٢٩٩، ٣٠٠؛ سبل السلام ١/ ٣٩٨. (٣) راجع تخريج الحديث، وانظر: الجوهر النقي ٢/ ٤٧٣.